للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خطأ العلمانية في اعتقاد أن الدين لا يصلح لهذا العصر]

السؤال

ما حكم الشرع فيمن يقول: إن الدين لا يصلح لهذا العصر وأنه لا علاقة للدين بالسياسة؟

الجواب

هذه نظرة علمانية إلحادية كافرة تقول إن الدين لا يصلح إلا في المسجد، فهم والعجيب أنهم ما تركوا الدين حتى في المسجد، يطاردون الدين حتى داخل المسجد، لم يسمحوا له أن يزاول مهمته؛ لأنهم عرفوا أن المسجد يؤدي دوراً كبيراً، والحقيقة أن هذه أولاً نظرية كافرة، لأن الله تعالى يقول: {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل:٨٩]، {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام:٣٨].

ومتى بدأت السياسة؟ بدأت يوم جاء الدين، العالم كان يعيش في فوضى واضطراب، وكان الناس في هذا العالم بدواً لا يعرفون السياسة، ولا يعرفون نظام الحياة، حتى قامت دولة الإسلام فعرفتهم السياسة، إذاً: السياسة جزء من الدين، وفصل السياسة عن الدين أمر خطير، وهذا حصل في أوروبا حينما كانت الكنيسة تعذب المبتكرين والمفكرين، لكن لماذا انتقلت إلى بلاد الإسلام؟ انتقلت عن طريق العدوى، إما على أيدي أناس جهال، أو على أيدي أناس حاقدين على الإسلام يريدون أن يطيحوا بالدين {وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ} [الصف:٨]، يريدون أن يطيحوا بالدين كما أطاح المثقفون النصارى بالديانة النصرانية التي كتب الله تعالى لها النهاية، أما دين الإسلام فإنه دين خالد، ولذلك نقول: إن هؤلاء مارقون عن الدين؛ لأنهم يعتقدون أن الدين لا يصلح للحياة، ويقولون: الدين يصلح في عصر الخيمة والبعير، لكن لا يصلح في عصر الصاروخ والمركبة الفضائية، والوسائل العصرية الحديثة، ونحن نقول: الدين خالد إلى يوم القيامة، والسياسة وجميع أنظمة الحياة كلها خاضعة لهذا الدين, وأي دين يتجرد من هذه الأنظمة ومن هذه القواعد فإنه دين لا قيمة له ولا وجود له.

ومنهج العلمانيين والملاحدة أنهم يرون الدين يجب أن يتجرد من هذه الحياة، ونحن نقول لهم: دين الإسلام لا تقوم الحياة إلا به، والدليل على ذلك أن دولة الإسلام التي رفرف علمها على أكثر المعمورة ما قامت إلا على الإسلام، ويوم تقلص الإسلام من نفوس كثير من الناس بدأت تلك الدولة تتقلص، حتى عادت تلك الدولة الواحدة إلى ما يقرب من مائة دولة في عالمنا الحاضر، وبمقدار ما يتخلف المسلمون عن دينهم يضعفون في ميدان السياسة، ثم تضيع بلادهم حتى أصبح المسلمون اليوم يكادون أن يفقدوا كل ما بناه آباؤهم وأجدادهم من سلفنا الصالح رضي الله عنهم.