للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تعدد الزوجات في الإسلام]

نشير إلى شبهة يثيرها الناس في أيامنا الحاضرة تتعلق بالزواج، وهي تعدد الزوجات، فما حكم الله عز وجل في تعدد الزوجات؟ الله تعالى يقول: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} [النساء:٣]، في أيامنا الحاضرة يثير أعداء الإسلام والمثقفون ثقافة إلحادية أو غربية أو شرقية زوبعة حول تعدد الزوجات، ويقولون: هذا ظلم للمرأة، وإهانة للمرأة، لماذا الرجل يتزوج أربع نسوة، وليس للمرأة أن تتزوج إلا زوجاً واحداً؟! انظر إلى هذه العقلية! لو تزوجت المرأة أربعة أزواج، فهل تنجب في تلك الفترة أكثر من ولد واحد؟ لن تنجب إلا ولداً واحداً، ثم إذا أنجبت ولداً واحداً لمن يكون هذا الولد ولها أربعة أزواج؟! عقول مطموسة، أما الإسلام فإنه أباح للرجل أن يتزوج بأكثر من زوجة إلى أربع، وأرجو ألا تغضب النساء؛ لأن ذلك ليس من مصلحتها، وأرجو من المرأة حينما تسمع هذا الكلام أن تتصور نفسها وهي عانس ليس لها زوج، وأمامها زوج معه زوجة أخرى؛ ألا تتمنى أن تكون هي الزوجة الثانية أو الثالثة أو الرابعة، ولا تكون عانساً حبيسة البيت؟! لاشك أن ذلك هو المنطق وهو العقل.

إذاً: عليها أن ترضى بقسم الله تعالى وقضائه وقدره، ولتفرض نفسها في هذا المستوى، أما الله عز وجل فإنه فضل التعدد على الإفراد؛ ولذلك لا أشك أن تعدد الزوجات سنة وليس رخصة مباحة فقط، والدليل أن الله تعالى قدم التعدد على الإفراد، والتقديم دائماً له حكم في نظر الشرع.

ثانياً: أن الله عز وجل لم يذكر الواحدة إلا في حالة واحدة وهي حالة الخوف من عدم العدل؛ لأن العدل مطلوب بين الزوجات، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (من كانت له زوجتان فمال إلى إحداهما دون الأخرى جاء يوم القيامة وشقه ساقط)، هل تريد المرأة من الاحترام أكثر من هذا الأمر؟ الله تعالى قدم التعدد لأنه أفضل فقال: {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} [النساء:٣]، وما دام الله تعالى جعلها واحدة في حال الخوف، فنقول: من يستطيع أن يكفل أكثر من امرأة أو امرأتين أو ثلاث فإن ذلك هو الأولى لتكثير نسل هذه الأمة، والرسول صلى الله عليه وسلم سوف يكاثر بهذه الأمة الأمم يوم القيامة.

الرجل الذي يتزوج بأكثر من زوجة سيقوم بنفقتها وكسوتها وسكنها، وأيضاً سيشبع رغبتها، لاسيما ونحن نعيش في فترة قل فيها الرجال وكثر فيها النساء، وهذا أمر مشاهد بالطبيعة والفطرة البشرية، انظر إلى أي نوع من مخلوقات الله ستجد نوع الأنثى أكثر من نوع الذكر، على سبيل المثال: إذا كنت ممن يفرخ الدجاج انظر إلى عدد أفراخ الدجاج، وكم أعداد الإناث بالنسبة للذكور، وهذه حكمة الله عز وجل، لاسيما في آخر الزمان فقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أنه سيأتي يوم من الأيام يكون للخمسين امرأة الرجل الواحد القيم يلذن به من قلة الرجال، وهذا لعل آثاره قد بدأت بسبب الحروب الطاحنة، حينما تسمع أخبار العالم ترى أنه كله قد أمسك بالزناد، ويتوقع حروباً دامية، وكم يذهب ضحية هذه الحروب من الرجال! على سبيل المثال: أفغانستان في مدة عشر سنوات استشهد فيها ما يزيد عن مليون وخمسمائة ألف رجل، ويندر أن تكون فيهم امرأة، إذاً: أين بنات هؤلاء؟! وأين زوجات هؤلاء؟! هل تترك للضياع أم نقيم فيها حكم الله عز وجل: {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء:٣]؟! في الحرب العالمية قتل فيها أكثر من عشرين مليون رجل، وقطع وشوه وأقعد عشرات الملايين من الرجال، إذاً: ما مصير النساء؟! الذين يعترضون على تعدد الزوجات كثير منهم لا يتورعون من الفساد، والدليل على ذلك أنهم يطعنون في دين الله، وأكثرهم لا يتقيد بزوجة ولا زوجتين ولا ثلاث ولا أربع ولا عشر ولا عشرين، فكلما سنحت الفرصة الحرام لأكثرهم لا يفوتونها.

في أيامنا الحاضرة انتشرت الخادمات، ويندر في بيوت المسلمين من لا توجد فيه خادمة أو خادمتان أو مربية أو سمها بما شئت، ولو أن رجلاً من الناس جاء بفتاة من الفلبين كافرة ملحدة مشركة وثنية شابة، وكان في بيته يخلو بها أو يخلو بها أولاده؛ فهذا في نظر عصرنا الحاضر تطور وتقدم، ما سمعنا يوماً من الأيام مسرحية أو كاريكاتير أو أحد يتحدث عن تخلف هذا الرجل الذي جاء بهذه المرأة بهذا الشكل، لكن كم تتحدث المسرحيات والكاريكاتيرات والأفلام والمشوهون في الكتب وفي الصحف عن تعدد الزوجات! أظن أن هذا هو الوعد الذي أخبرنا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: (يعود المعروف منكراً، والمنكر معروفاً)، صار الرجل الذي يريد أن يعف فتاة محبوسة في بيت أبيها، ويقيم معها عشاً طاهراً طيباً، وينشأ منهما أولاداً صالحين بإذن الله، ويقوم بكفالتها، ويخلص أباها من المسئولية أمام الله؛ يعتبر متخلفاً في نظر كتابنا في هذا العصر ومتحدثينا، ورجل يأتي بفتاة من الفلبين أو من أي مكان آخر من بلاد الانحلال والفسق والفجور يعتبر رجلاً متطوراً في نظر هذا العصر! انعكاس في المفاهيم! وبعض اللواتي لا يفهمن عن الإسلام إلا قليلاً أو لا يفهمن شيئاً أبداً ولا يقرأن القرآن إلا قليلاً، تقول بعضهن: صحيح أن الإسلام يهين المرأة! فتقول كما يقول هؤلاء العصريون والمتعصرون والمتمسلمون! وتقول: كيف يبيح للرجل أن يتزوج بأكثر من امرأة! ونسيت هذه المسكينة أنها ربما تكون في يوم من الأيام هي التي تتمنى أن يتزوجها رجل لتكون الثالثة أو الرابعة، حتى نسمع في أيامنا الحاضرة من الفتيات العاقلات اللاتي فهمن القرآن والسنة فهماً حقيقياً من تتمنى ولربما تكتب في الصحف وتقول: أتمنى ربع زوج أو ثلث زوج أو نصف زوج.

أيها الإخوة! سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم هي التعدد؛ ولذلك الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي طبق هذه السنة، والله عز وجل أباح شيئاً من الميل في سبيل التعدد مع أن الميل محرم في كل حال من الحالات فقال: {فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ} [النساء:١٢٩]، إذاً: أبيح شيء من الميل -وهو ما لا يملكه الإنسان- لأن فضل التعدد، ومصلحة التعدد تتغلب على مفسدة الميل القليل.

أيها الإخوان! الدعايات المضللة الآن أصبحت تشوه هذا الجانب من جوانب هذا الدين أو تسعى لتشويهه، لكن دين الله لن يتشوه بفعل هؤلاء، لكن هذا أدى إلى كراهية طائفة من النساء اللاتي لم يتثقفن ثقافة إسلامية لهذا الأمر من دين الله، والسر في ذلك هو هؤلاء الذين تبنوا هذه القضية، وسموها مشكلة من مشاكل هذا العصر.

إخواني في الله! لابد أن نوضح للنساء حكمة الله عز وجل وتشريع الله عز وجل في هذا الأمر حتى تستبين سبيل المجرمين.