للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[دور الشباب المسلم تجاه انتشار المعاصي في البلاد الإسلامية]

السؤال

كما تعلم أن مدينتا هذه جدة، تعج بالفتن والمعاصي الظاهرة عياناً أمام المسلمين، فنخاف أن يعمنا الله بالعذاب، نسأل الله العافية، فهل من كلمة تحثنا فيها على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وماذا يفعل الشباب وغيرهم في مجال الدعوة إلى الله؟

الجواب

الله المستعان! أولاً بلاد المسلمين كلها تعج بالمعاصي العظيمة، لكن غريب أن تكون هذه المعاصي في بلاد الله المقدسة التي انطلق منها نور الإسلام إلى الأرض كلها! على كلٍ: أيها الإخوان! أنا مع الأخ السائل، لكن الجهاد في سبيل الله منه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن الجهاد معناه بذل الجهد في إيصال الخير إلى الناس ودفع الشر عنهم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمر ليس بالشيء السهل، وليس نفلاًً ولا تطوعاً، ولكنه فرض كفاية، وأراه الآن أصبح فرض عين؛ لأن الذين يكتفى بهم قلوا، وأحسب الدولة إن شاء الله تشجع على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

على كلٍ: أيها الإخوة! لا بد أن تتضافر الجهود في هذا الأمر، ولا بد أن نتعاون مع الدولة على هذا الجانب، فليس الأمر مسئولية الدولة وحدها، ولكنه مسئولية الجميع، ولا بد من مناصحة المسئولين، ونقول لهم: اتقوا الله، ونبين لهم أشياء كثيرة من المنكرات؛ لأنهم ربما شغلوا بأشياء عن أشياء، فلا بد أن ننبهم، هذا بالنسبة لمناصحة أولي الأمر، الذين يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم: (ولأئمة الٍمسلمين)، فهذا من النصيحة.

ثم أيضاً لا بد من مناصحة الناس، ولا بد من استعمال القوة، لكن هذه القوة يجب أن تكون منضبطة، ويجب أن تكون منظمة، وتحميها وتحرسها وتنظمها الدولة، والأمر لا يقوم بالكلمة فقط، فلا بد من قوة، كما أشار الله عز وجل إلى ذلك في قوله في سورة الحديد: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ} [الحديد:٢٥]، لماذا ذكر الحديد هنا مع البينات والكتب السماوية والميزان والعدل؟ لأن الميزان والعدل والكتب السماوية والبينات قد يقف الشر في طريقها فيشوه سمعتها، ويلوث بيئتها؛ إذاً: لا بد من أن تكون هناك قوة تحمي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله.

إذاً لا بد من قوة للمسلمين لتنظم بلاد المسلمين، لكن يجب أن تكون هذه القوة منضبطة، ويجب أن تتبناها الدولة، ويجب على الشباب والمسئولين وكل من عنده غيرة على دين الله والعلماء في الدرجة الأولى أن يناصحوا المسئولين وأن يقولوا: نظمونا لننكر هذه المنكرات، ولنعلم الناس الخير من الشر، لا بد من هذا الأمر، وإلا فإن العقوبة تصيب الأمة، وأخشى أن ما يحدث الآن في الساحة عقوبة، لأن الله تعالى يقول: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الأنفال:٥٣]، {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الرعد:١١]، {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ} [فاطر:٤٥]، {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى:٣٠]، آيات كثيرة في هذا المعنى.

يا إخوان! نبقى ونحن نشاهد المعاصي حتى يأتي طغاة الأرض يكتسحون بلاد المسلمين ويرمونها بالصواريخ ويعملون ما يعملون، لا بد أن ينكر المنكر، لأن ما حل إنما هو عقوبة من الله عز وجل نسأل الله أن يحفظنا بحفظه، ويكلأنا بعنايته، ونقول دائماً وأبداً: {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ} [الدخان:١٢]، نستغفر الله ونتوب إليه، لا بد من العودة، لا بد من التوبة، لا بد من محاربة المعاصي، لأن انتشار المعاصي هو الذي يسبب هذه العقوبات نسأل الله العافية والسلامة، كما نسأله أن يشد عضد الدولة ويقويها حتى تنكر هذه المنكرات، حتى لا يبقى مدخل لعدو من أعدائنا علينا.