للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[دلالة قوله تعالى: (يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال)]

وقوله تعالى: {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ * رِجَالٌ} [النور:٣٦ - ٣٧] كلمة (رجال) تعطينا معنيين: المعنى الأول: أن صلاة الجماعة ليست واجبة على النساء، وقد يعطي الله عز وجل للمرأة إذا حافظت على الصلاة في جماعة أجر ما يأخذه الرجل الذي يصلي في المسجد، فتحصل على سبع وعشرين درجة؛ لأنها غير مطالبة بصلاة الجماعة، وصلاتها في بيتها خير لها، لكن خير لها أن تحضر مجالس الذكر إذا كان هناك مجالس ذكر في المسجد.

المعنى الثاني: أنهم في مستوى الرجولة؛ لأن كلمة (رجل) ليس معناها الذكورة فقط، معناها: ذكر مستكمل كل أمور معاني الرجولة، ولذلك إذا أردت أن تثني على ولدك تقول له: أنت رجل، تريد: أنت اكتملت في معنى الرجولة، ولذلك لا تأتي كلمة رجل في القرآن إلا وتحمل معنى العظمة، فالرجال العظماء، كما قال الله تعالى: (يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ رِجَاَلٌ) أي: رجال عظماء، تغلبوا بعقولهم على شهواتهم.

وقوله تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب:٢٣] أي: رجال عظماء، وكما قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا} [الأنبياء:٧]، وهكذا دائماً كلمة (رجل) لها معنىً عظيم، وهو معنى اكتمال الرجولة، أي: أنهم رجال حقيقة ليسوا ذكوراً فقط، كما يوجد أنصاف ذكور وأرباع ذكور، لأن معنى الذكورية موجودة، لكن معاني الرجولة الأخرى فقدت عند كثير منهم، وإذا أردت أن تنظر إلى نموذجاً من هؤلاء الرجال فانظر إلى أشباه النساء من هؤلاء الذكور الذين هم بصورة رجال من الشباب الذين ينافسون المرأة على موضاتها وعلى شكلها، وحتى في صوتها، وربما في لباسها، وربما في شعرها إلى غير ذلك! فكلمة (رجال) أي: استكملوا معاني الرجولة؛ فأصبحوا رجالاً حقيقة يستحقون كلمة رجل أكثر من غيرهم.

إذاً: هنا نعرف كيف يتربى الرجال حتى لا نغلط ولا نخطئ، فربما ينشغل الإنسان بماله، أو بوظيفته، أو بشهوته، أو بأي أمر من الأمور عن أطفاله وأولاده، فيتربى هؤلاء الأطفال في المقاهي، وأمام الأفلام، وأمام المحرمات، ولربما مع قرناء السوء والفاسدين والفسقة، فيبحث ذلك الأب حينما يفكر وحينما يعود إليه صوابه عن ذلك الطفل فإذا هو قد أصبح في سن الرجال وهو منفلت عن تعاليم الإسلام، فيبدأ يقسره قسراً على تعاليم الإسلام، فيعجز؛ لأنه عصى قول الرسول صلى الله عليه وسلم حينما قال: (مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع)، يعني: ربوهم في المساجد وهم في سن التمييز، منذ السن الأولى المبكرة التي يتربى فيها الرجال، فيبدأ يندب حظه، ويندب نفسه، ويستشير فلاناً الفلاني: ما رأيك في ولدي؟! فنقول: ولدك أنت الذي ضيعته حينما كان في السن المناسبة للتربية، ولربما إذا قيل له: يا أخي! اتق الله في أولادك، يقول: لا أستطيع أن أحكم القبضة عليهم، والسبب أن هناك أسساً مبكرة تطالب فيها أيها الإنسان! فلم تقم بها كما أمرك الله عز وجل وكما أمرك الرسول صلى الله عليه وسلم، فالله يقول: (يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ رِجَاَلٌ) والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع)، فأنت فوت الفرصة، ولذا لا تلم إلا نفسك إذا خرج لك أولاد منفلتون عن طاعة الله عز وجل.