للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[لا يتحقق الاستخلاف إلا ببذل جميع الأسباب]

السؤال

ما توجيهكم لمن يقول: إن التمكين في الأرض لا بد أن يكون نتيجة لأمور يأتي بها المؤمنون، وهي: الإيمان، والعمل به، والدعوة إليه، والأذى في سبيل الله، والصبر على الأذى، لاسيما أن الأذى يحصل للدعاة كما حصل للأنبياء؟

الجواب

هذا هو الشيء الذي تحدثنا عنه، فالتمكين في الأرض لا يكون إلا بشروطه، ولعل من أبرز هذه الشروط الصبر والتحمل، فإن الله تعالى يقول: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} [السجدة:٢٤] أئمة قيادة الحياة {يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة:٢٤] فإن الصبر في هذا السبيل أمر مطلوب لا تقوم الأمور إلا به، ولا تستقر الأحوال إلا بالصبر والتحمل، ولذلك فإن المرسلين عليهم الصلاة والسلام الذين أظهر الله تعالى دعوتهم وأظهر دينهم، وأظهر دولهم أيضاً قام جهدهم على الصبر والتحمل، وقد وضع الله تعالى في طريق ذلك كثيراً من العقبات من أجل أن يعرف الناس أن طريق الجنة ليس بالشيء السهل، وإنما هو محفوف بالمكاره والمخاطر، ولذلك تجد في طريق الجنة قول الله تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة:٢١٤] فمن أراد هذه السعادة في الدنيا والسعادة الخالدة في الآخرة فعليه أن يأخذ بهذه الأسباب، والشاعر يقول: ومن يخطب الحسناء لم يغلها المهر إذاً لابد في طريق التمكين في الأرض من أمور، لا بد في طريق الأمن والاستقرار من أمور خطيرة، ولا بد أن يكون أيضاً في طريق الاستخلاف والحصول على السلطة ووصول السلطة بأيدي المؤمنين من أمور، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلها دائماً وأبداً في أيدي المؤمنين الصالحين.