للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وعد الله عز وجل المسلمين إحدى الطائفتين]

وقوله تعالى: {كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ} [الأنفال:٦]، الله تعالى وعدهم إحدى الطائفتين، فهناك عير أقبلت من الشام وفيها مال، وليس فيها قتال، وهناك قتال من عدو أقبل من مكة مزود بالسلاح، والله تعالى أخبر أنه لابد من واحدة، وحينما يُخير الإنسان بين القتال وبين غنيمة بدون قتال فبطبيعة البشر يختار غنيمة بدون قتال، فكان المسلمون يتمنون ويظنون أنهم سوف يجدون العير، ثم بعد ذلك يأخذون أموالها ويرجعون إلى المدينة يتمتعون بهذا المال.

لكن هذا غير مراد؛ لأن الله تعالى يريد أن يقع الحق هنا، ويريد أن تنطمس معالم الباطل التي طالما انتفخت في الأرض، ورفعت رءوسها، وأحاطت حتى بكعبة الله عز وجل، فلابد أن ينحط الباطل ويرتفع الحق في مثل هذا الموقف، ولذلك قال الله تعالى: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ} [الأنفال:٧]، أي: واذكروا (إِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ)، إما العير أو النفير، والنفير هو: الجيش الذي قدم من مكة، {أَنَّهَا لَكُمْ} [الأنفال:٧]، يعني: سيحصل نصر بمعركة أو سيحصل عير بدون معركة، فماذا سيتمنى الناس؟ {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ} [الأنفال:٧]، يعني: الذي لا يحتاج إلى قتال ولا يحتاج إلى سلاح هو الذي يتمنونه؛ لأن معنى الشوكة السلاح.

(وَتَوَدُّونَ)، يعني: ترغبون، فالإنسان له رغبة لكن لله سبحانه وتعالى إرادة هي التي تنفذ لا إرادة البشر، والله تعالى يريد أن تكون المعركة حتى تنقمع هذه الشوكة، وحتى تنكسر هذه الشوكة، وحتى يبطل مفعول الكفر الذي رفع رأسه في هذه الأرض، وحتى يرتفع الحق.