للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وجوب المسارعة إلى الجنة]

الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونثني عليه الخير كله، ونشكره ولا نكفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، الذي أرسله الله رحمة للعالمين، وحجة على الناس أجمعين، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، صلى الله عليه وسلم وبارك، وعلى آله وأصحابه ومن دعا بدعوته، وعمل بسنته، ونصح لأمته إلى يوم الدين.

أما بعد: أيها الإخوة! الموضوع: في طريق الجنة نسأل الله سبحانه وتعالى أن يبلغنا وإياكم ووالدينا وإخواننا المسلمين هذه الجنة، التي طالما تاقت لها نفوس المؤمنين، وقدموا في سبيل الحصول عليها والبحث عن طريقها كل ما يملكون، وفوق ما يستطيعون، نسأل الله ذلك.

الموضوع يدور حول قول الله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [آل عمران:١٣٣ - ١٣٦].

جاءت هذه الآيات التي ترغب بالجنة وبطريقها بعد آيات تحذر من النار قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران:١٣٠ - ١٣٣].

هذا هو الطريق الموصل إلى الجنة، والله تعالى هنا يقول: (وَسَارِعُوا)، ولذلك فإنه يلاحظ على كل الأفعال الخيرية التي يؤمر المسلم بأن يجد في السير إليها، أن يكون ذلك إما بطريق المسارعة دائماً أو بطريق المسابقة، قال تعالى: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [المائدة:٤٨]، {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ} [الحديد:٢١]، {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} [الأنبياء:٩٠]، {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة:٩] دائماً وأبداً بالنسبة لسعي الحياة الآخرة.

وبالنسبة للسير في البحث عن الرزق في الحياة الدنيا: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} [الملك:١٥].

ومن هنا فإن المسلم مطالب بأن يستبق الخيرات، وأن يبذل الجهد في سبيل الحصول على هذه السعادة وعلى هذه الدار.