للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المتحابان في الله يظلهم الله في ظله يوم القيامة]

رابع هؤلاء السبعة: قال عليه السلام: (ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه).

إن هذين الرجلين ليست بينهما صلة نسب ولا قرابة، ولا مال، ولا شركة، ولا مصالح، وإنما هي محبة في الله سبحانه وتعالى من أجل دين الله، من أجل هذا الحق الذي جاء به محمد عليه السلام من عند الله تعالى، كانت هذه المحبة والعلاقة بين رجلين أو بين امرأتين؛ لأن ذكر الرجل هنا ليس خاصاً بالرجال، بل إن النساء يدخلن في مثل هذا الحكم.

إن المحبة في الله هي أوثق عرى الإيمان، والمتحابون في الله على منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء يوم القيامة.

وإن شرط المحبة أن تكون خالصة لله، قال عليه السلام: (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود إلى الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار)، إن هذه الصفات إذا وجدت عند العبد المؤمن فإنه سيجد حلاوة الإيمان، والتي منها: وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله.

إن هناك علاقات كثيرة قائمة على معصية الله، وقائمة على أمور الدنيا، وعلى الفساد في الأرض، وعلى المباحات في كثير من الأحيان، لكنها لا تدوم أبداً.

ولذلك أخبر الله تبارك وتعالى بأن كل العلاقات التي هي قائمة بين البشر في الحياة الدنيا على غير طاعة الله وتقواه -أنها منتهية؛ بل تتحول يوم القيامة إلى عداوة محضة، قال الله تعالى: {الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف:٦٧]، وقد تتحول العلاقات التي تبنى على غير طاعة الله إلى خصومة ونزاع في الحياة الدنيا، وهذا يحدث كثيراً؛ لأنها لم تقم على أساس صحيح، وإن لم تفسد هذه العلاقات في الحياة الدنيا فسوف تفسد في الحياة الآخرة، بل إن المتحابين على غير طاعة الله يلعن بعضهم بعضاً، قال تعالى: {وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً} [الأحزاب:٦٧ - ٦٨]، وقال تعالى عن الكفار إذا ألقوا في النار: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الأَسْفَلِينَ} [فصلت:٢٩]، هكذا هم في الآخرة، لكنه في الدنيا كان يفديه بالروح وبالدم، وربما أظهر له الولاء الكامل وهو كاذب.