للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ضلال من يقول بعدم كفر النصارى]

بالرغم من هذا العداء كله، وبالرغم من هذا الحقد الدفين كله؛ يجهل طائفة من الناس ما يقوم به النصارى اليوم من دور في حرب الإسلام، فتقوم طوائف في الأرض تدعو إلى التقارب مع النصارى، أو مع الفئات الكافرة ضد الشيوعية، وما علم أولئك أن الكفر كله ملة واحدة، وأنه وإن تفرق في الظاهر لكنه يتحد في ضرب الإسلام، وهذه دعوة ضالة لا تقبلها النفوس المؤمنة، وسأحدثكم حديثاً تحفظونه فاحفظوه: إذا كانت هذه دعوة غير مقبولة، ففي صحفنا وفي صحيفة تنشر في بلادنا يكتب فيها فاسق من أبناء جلدتنا؛ بل ممن يحملون شهادة عملاقة، بل ممن يقومون بدور التدريس في إحدى جامعاتنا، ويربون شبابنا، ليقول لنا بالحرف الواحد: إن المسيحيين ليسوا كفرة! وإن تكفير المسيحيين جاء من جهل هذه الأمة! فإن المسيحيين قد ذكرهم الله في القرآن، ودينهم دين سماوي!! هكذا يقول من يحمل شهادة الدكتوراه، ولا أدري أهي شهادة الدكتوراه في الجهل أم في هدم الإسلام!! النصارى يقول الله عز وجل عنهم: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} [المائدة:١٧]، وأكد كفرهم بلام القَسَم، وبـ (قد) التي تفيد التحقيق.

وقال في موضع آخر {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [المائدة:٧٣].

وقد قرنهم الله مع اليهود في قوله: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ * اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ * يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [التوبة:٣٠ - ٣٢].

وبالرغم من هذا النداء، وبالرغم من هذا الخبر، تقوم صحيفة من صحفنا على يد هذا الكاتب لتشكك المسلمين في تكفير النصارى! وإذا كان في العالم الإسلامي من يدعو إلى التقارب مع النصارى؛ فإن في بلادنا هذه الأرض المقدسة من يشكك المسلمين في تكفير النصارى! أي كفر يبقى إذا لم يكن النصارى كفرة؟! أولئك الأعداء الحاقدون على الإسلام، الذين لا تكاد تحين لهم فرصة من الفرص إلا ويصبّوا جام غضبهم على العالم الإسلامي.

معشر المسلمين! ولقد كنا نظن أن الإعلام هنا يسعى فقط لهدم الأخلاق، فإذا هو يشكك المسلمين في أصول دينهم، وفي أمر جاء بنص القرآن الكريم، وأجمعت عليه الأمة، ونحن نقول لهؤلاء: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء:١١٥]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ} [آل عمران:١٠٠].

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.