للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الفرق بين تمني لقاء العدو وتمني الشهادة]

السؤال

كيف نوفق بين حب القتال والشهادة في سبيل الله وبين حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: (لا تتمنوا لقاء العدو)؟

الجواب

الفرق بين تمني لقاء العدو وتمني الشهادة واضح، فتمني لقاء العدو إذا لم يقم قتال، والأمور مستقرة على طاعة الله، فلا نتمنى لقاء العدو في مثل هذه الحال، لكن إذا وجد القتال وقام العدو ووقف صفاً في وجوه المسلمين، أو في وجه الزحف الإسلامي ففي مثل هذه الحالة نتمنى الشهادة، ولكني أرى الآن -خصوصاً من خلال أخبار أسمعها من شباب يسافرون إلى بعض مواقع قتالية في أرض الله- أن أحدهم دائماً يسعى إلى الشهادة فقط، أنا لا أريد هذا، فالله تعالى يقول: {وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ} [آل عمران:١٤٠]، والله تعالى يقول: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ} [التوبة:١١١].

إذاً: لابد أن يقدموا جهداً قبل أن يسعوا إلى الشهادة، فالشهادة مطلب يستفيد منه هذا المستشهد، لكن قتل الكافرين ومصارعة الكافرين تستفيد منه الدولة الإسلامية كلها، ولذلك الأصل: ألا نتمنى قتال العدو، لكن إذا قام القتال ووجد وأصبح حقيقة ففي مثل هذه الحال نتمنى الشهادة، ولا نتمنى القتال؛ لأن القتال موجود، وإنما نتمنى الشهادة، لكن تمنينا الشهادة لا يعني أن الإنسان يزج بنفسه في أمور مخاطرة لا يستفيد منها الإسلام، أو لربما تجر على الإسلام أضراراً أو تقلل عدد المسلمين أو عدد هذا الجيش، أو تفت في عضد المجاهدين حينما يرون كثرة الاستشهاد، وإنما المسلم يقاتل لا ليستشهد، وإنما يقاتل حتى يستشهد بعد ذلك، ولذلك نجد في قتال المسلمين يوم مؤتة أنه لما رأى خالد بن الوليد رضي الله عنه أن المعركة ليست لمصلحة المسلمين انسحب بالجيش، ولو كانت المسألة مسألة استشهاد فقط لزج بثلاثة آلاف معه من المسلمين في وسط الروم وأبيدوا، وحصلوا على الشهادة وانتهى الأمر، لكن لما رأى خالد رضي الله عنه أن الموقف والتكتيك الحربي يتطلب الانسحاب انسحب، فالمسألة مسألة هزيمة أعداء لا مسألة شهادة فقط.