للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[انتشار الصحوة الإسلامية في هذه الأزمنة]

السؤال

فضيلة الشيخ! دائماً بعض المحاضرين يتكلمون عن الشباب وما يظهر فيهم من المعاصي والانحراف، ولم يتكلموا عن هذه الصحوة التي حصلت بين الشباب اليوم من صلاح ورجوع إلى الله، نرجو منكم بيان ذلك؟

الجواب

أحسنت يا أخي! أنا كنت أريد أن أتكلم عن هذه المسألة ونسيتها، والحقيقة أنه بالرغم من وجود إرهاصات مخيفة في المجتمعات الإنسانية، فهناك -والحمد لله- الآن بوادر خير في كل العالم والشعوب.

فلو ذهبت إلى أمريكا لوجدت أنه يوجد فيها شباب متدين متمسك، مع أن الشهوات تحيط بهم من كل جانب؛ بل جميع أنواع الشهوات مبذولة وميسرة، ولكنهم فتية آمنوا بربهم وزادهم الله هدى، وهكذا لو ذهبت إلى أوروبا أو ذهبت إلى الشرق والغرب، لقد رأيناهم -والحمد لله- بأعداد هائلة.

وهكذا يعيش معنا -والحمد لله- كثير من هؤلاء الشباب الذين تحدوا جميع أنواع الغزو والأفكار التي وفدت إلى البلاد الإسلامية، وأعلنوا إيمانهم الحقيقي، وظهر هذا الإيمان وبرز في وجوههم وفي كل شئون الحياة.

فهذه الصحوة الإسلامية لم تأت صدفة، وإنما جاءت نتيجة دعوات وعمل جاد قدمه إخواننا المسلمون هذا أمر.

الأمر الثاني: سنة الله تعالى في الحياة أن الله تعالى قد تكفل ببقاء هذا الدين إلى يوم القيامة، وبمقدار ما يخاف طائفة من الناس على هذا الدين يطمئنون وهم يشاهدون هذه الصحوة الإسلامية.

ثم أيضاً قد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه لا تزال طائفة من أمته على الحق ظاهرين حتى يأتي أمر الله أو حتى تقوم الساعة.

وعليك يا أخي! وعليَّ وعلى كل واحد منا أن ينضم إلى هذه المجموعة؛ ليحقق هذه الفئة التي أخبر الله عز وجل عنها وأخبر عنها الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد أخبر الله تعالى بأن هذا الخير باقٍ إلى يوم القيامة، كما قال عز وجل: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا} [غافر:٥١]، وقال: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [المجادلة:٢١]، ومن غلبة الرسل أن يبقى دين محمد صلى الله عليه وسلم الذي هو خاتم الرسل إلى يوم القيامة.

فهذه الصحوة يا إخوان! علينا أن ندعو الله سبحانه وتعالى أن يثبتها، كما أن علينا أن نشجعها؛ لأني أرى أن طائفة من الآباء بدءوا يسخرون من أبنائهم، ويقولون: إنهم موسوسون، فعلوا كذا، وفعلوا كذا! والحقيقة أن هذا الكلام الذي يقوله الآباء خطر؛ لأن الله تعالى يقول: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ} [المطففين:٢٩ - ٣٠]، ويقول تعالى وهو يخاطب الكافرين وهم في النار: {إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ * فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ * إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ} [المؤمنون:١٠٩ - ١١١].

ولذلك فإني أدعو الآباء أن يشجعوا هؤلاء الأبناء، وأخشى عليهم أن يقعوا في ردة عن الإسلام حين يقولون: فلان دخل في الدين، وكأن الوساوس التي يخافون منها يسمونها بالدين، أو يعتبرون الدين شيئاً كالجنون يدخل فيه طائفة من الشباب.

وعلى هذا نقول: هذه سنة الله تعالى في الحياة، وهذا الخير يتحدى الله عز وجل به كل قوى الشر المعاصرة في أيامنا الحاضرة، ففي أيامنا التنصير والتبشير والتكفير والعلمنة، وكثير من الأفكار التي جاء بها أناس، وكانوا يخططون بأن فلاناً وفلاناً وفلاناً من الناس إذا انتهوا انتهى دور الدين من هذه الحياة، فإذا بهم يخر عليهم السقف من فوقهم ويأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون.

فتأتي هذه الصحوة الإسلامية في أحلك فترة من فترات التاريخ، وفي أشد ساعة من ساعات الزمن، وفي أيام كان هؤلاء يظنون أنهم كادوا أن يقضوا على الدين، فإذا بهذا الدين يعلن نفسه في كل أرجاء الأرض، ولو سرت إلى أي بلد من بلاد الله لوجدت هذه الصحوة الإسلامية -والحمد لله- تقوم على أشدها.

ومن العجب أن الجامعات العصرية التي تدرس العلوم العصرية صارت تتمتع بهذه الصحوة أكثر من كلية الشريعة وكلية أصول الدين! أسأل الله سبحانه وتعالى أن يثبت الأقدام، وأن يأخذ بالنواصي إلى ما فيه صلاح الأمة، وأن يتوفانا على الإسلام، وأن يوفق القادة والمسئولين عن هذا الدين، كما أسأله أن يوفق رواد الأندية الرياضية والمسئولين عنها والرئاسة العامة إلى أن يقودوا هذا الشباب إلى ما فيه عز الدين والدنيا.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

والحمد لله رب العالمين.