للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نعمة المال والأكل من رزق الله تعالى في الأرض]

الحمد لله، الحمد لله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر، وكل شيء عنده بمقدار، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الإيمان إلا من يحب، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً.

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن آله، ومن دعا بدعوته وعمل بسنته ونصح لأمته وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد: أيها الإخوة في الله! أيها الأحبة في العقيدة! افهموا فوائد المال وحقيقته، واسمعوا قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالًا طَيِّبًا وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [البقرة:١٦٨ - ١٦٩].

في هذه الآية الكريمة يبين الله سبحانه وتعالى أن كل ما في أيدي الناس جميعاً من نعمته، فيأمر الناس عامة: برهم وفاجرهم، مؤمنهم وكافرهم، بأن يأكلوا من رزقه، فإن الله سبحانه وتعالى لطيف بعباده: {يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [البقرة:٢١٢]، يعطي الدنيا المؤمنين وغير المؤمنين، ولكن هذه الدنيا إنما هي للمؤمنين، وما فيها من المتاع والنعيم إنما هو لهم، مع أنهم يشاركهم فيها غير المؤمنين، ولكنها خالصة لهم يوم القيامة، يقول سبحانه وتعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الأعراف:٣٢].

وفي آية أخرى يدعو الله المؤمنين إلى الأكل من رزقه، ويبين أنه خلقه من أجلهم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [البقرة:١٧٢].

والفرق بين هاتين الآيتين: أن الآية الأولى أمرت الناس عامة أن يأكلوا من رزق الله وما في الأرض.

أما الآية الثانية فإنها أمرت المؤمنين وأباحت لهم أن يأكلوا من رزقهم الذي خلقه الله عز وجل من أجلهم.