للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[العقوبات المترتبة على ظهور الزنا والصلة بينه وبين اتخاذ المغنيات والمعازف]

أخي في الله! من علامات العقوبة ومن أسباب العقوبة إذا اتخذت القينات والمعازف ظهور الزنا، إذاً الصلة بين اتخاذ القينات والمعازف وبين ظهور الزنا واضحة، فإن النظرة الحرام يعقبها الفعل الحرام، والسماع الحرام يعقبه الفعل الحرام، ولذلك الله عز وجل ذكر الزنا في سورة النور ثم قال بعده بآيات: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} [النور:٣٠] وقال: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} [النور:٣١] وقال بعد ذلك: {وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} [النور:٣١] فقد نهيت المرأة أن تحرك رجلها لتضرب الأرض بشدة، حتى لا يسمع صوت الخلخال رجل فيفتن بهذه المرأة التي سمع في رجلها صوت الخلخال، فكيف بالمرأة التي ترقص وتغني وتتمايل وتهتز بثياب عارية؟! إن النتيجة خطيرة، ولذلك دعا الله عز وجل في آخر الآيات التي تأمر بغض البصر إلى التوبة فقال: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور:٣١].

إن ظهور الزنا نتيجة حتمية من نتائج انتشار القينات والمعازف، وإن الفتن يجر بعضها بعضاً، يقول الشاعر: كل الحوادث مبدؤها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر فالشرارة الصغيرة تحدث حريقاً يلتهم مدينة بأكملها، والنظرة الصغيرة تلتهم الأخلاق والفضائل، وتحط هذا الإنسان من عين الله عز وجل، فعلينا أن نبادر بالتوبة حتى لا يظهر الزنا، وإذا أردت دليلاً على ذلك فانظر إلى من سبقنا إلى هذه الأشياء بمدة وجيزة من الزمن، حين انتشرت القينات والمعازف وفسد الإعلام، ماذا كانت النتيجة؟ لقد انحرفت المرأة، وفتحت دور الدعارة أبوابها علناً في وضح النهار، وانتشر زواج الذكر بالذكر باسم القانون الذي تحميه تلك الدول التي سبقت إلى الفساد والمعصية، وأصبحت قوانين تلك الدول تتردى، فكلما هبط هذا الإنسان درجة واحدة عن إنسانيته هبط القانون أكثر مما يهبط هذا الإنسان.

أيها الأخ الكريم! علينا أن نخشى الله عز وجل، فنحن نعيش في نعمة وفي رخاء وفي رغد من العيش وفي أمن وطمأنينة، ويتخطف الناس من حولنا، ونحن نرفل بنعمة الله في ظل شريعة الله عز وجل، فلنحافظ عليها ولنتمسك بها؛ لأنه إذا ظهرت القينات والمعازف ظهر الزنا، وإذا ظهر الزنا انتشرت الأمراض والأوبئة، يقول عليه الصلاة والسلام: (لم تظهر الفاحشة في قوم قط إلا فشا فيهم الأوجاع والأمراض التي لم تكن في أسلافهم) والأوجاع التي لم تكن في أسلافنا والتي كانوا لا يعرفونها قد كثرت اليوم وانتشرت، ولم يستطع الطب الحديث علاجها، بالرغم مما يقدمه الطب الحديث من خدمات متوافرة، وهذه الأمراض تسابق الشمس على مطالعها، بسبب انتشار الزنا الذي هو من أقبح القبائح وأعظم المحرمات.