للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الآثار المترتبة على لعن آخر هذه الأمة أولها]

قوله: (ولعن آخر هذه الأمة أولها) ما هو الجزاء المترتب على ذلك، إنه كما قال صلى الله عليه وسلم: (فانتظروا عند ذلك ريحاً حمراء) هل يمكن لآخر هذه الأمة أن تلعن أولها وأولها هم الذين أخذوا هذا الدين من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم طرياً ونقلوه إلينا، ونقل عنهم حتى وصل إلينا في أيامنا الحاضرة وكأننا نعيش مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهاً لوجه؟! هل يمكن لآخر هذه الأمة أن تلعن أولها وأولها هم الذين أقاموا دولة الإسلام السامقة التي رفرف علمها على جل المعمورة؟! نعم يوجد في آخر هذه الأمة في أيامنا الحاضرة من يلعن أولها، أول هذه الأمة وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل لم يسلم منهم خيرة الصحابة، وهم أبو بكر وعمر.

لقد أصبح كثير من آخر هذه الأمة في وقتنا يتجردون من كل قديم، فهؤلاء الحداثيون قد لوثوا وجه التاريخ في أيامنا الحاضرة، فهم يلعنون أول هذه الأمة، إن لم يلعنوهم بألسنتهم فإنهم يلعنونهم بأحوالهم وواقعهم، فهم يخرجون على كل قديم ويريدون كل جديد أياً كان هذا الجديد.

نقول لهؤلاء: نحن نرحب بأي جديد إذا كان لا يتنافى مع المنهج الصحيح الذي جاء به محمد عليه الصلاة والسلام من عند ربه، ونرفض كل جديد يتنافى مع ما جاء به منهجنا الصحيح، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح أولها.

هل من المعقول أن يقول أحد الحداثيين: منذ نزول سورة تبت ومجيء محمد صلى الله عليه وسلم ونحن في تأخر؟! نعم.

يقول ذلك.

إذاً هؤلاء الذين يعتبرون أنفسهم مجددين يلعنون أول هذه الأمة ويسبونها، ويعتبرون أنها نقطة تخلف، حتى قال قائلهم ذات يوم: إنك لا تتصور تطلعنا وتلهفنا إلى حياة إنسانية منظورة منذ ثلاثة آلاف عام.

انظر إلى هذا الحد، حتى فترة التاريخ الإسلامي عند هذا وغيره يعتبرها في تخلف.

وهذا داروين الملحد الملعون يقول: كان الإنسان قرداً فصار إنساناً، أو كان حشرة تعفنت على وجه الأرض فصارت إنساناً.

فقول هذا القائل: نحن ما زلنا نتطلع إلى حياة إنسانية يعني: لم نصل بعد إلى ما قاله دارون الملحد الملعون.

إنها مصيبة وبلية.

إذاً إذا لعن آخر هذه الأمة أولها، واعتبروا كل قديم متخلفاً، ورحبوا بكل جديد دون أن يعرضوه على الفكرة الصحيحة وعلى المنهج الصحيح فانتظر عند ذلك ريحاً حمراء وزلزلة وخسفاً ومسخاً وآيات تتابع كنظام قطع سلكه فتتابع.

أيها الأخ الكريم! لا ننسى ولا نتغافل هذه الصحوة الإسلامية المباركة التي أسأل الله عز وجل أن يحفظها وأن يبارك فيها، وأن يهدي المسئولين والقادة ليحيطوها بسياج منيع حتى تؤدي ثمارها، وبالرغم من وجود هذه الصحوة الإسلامية المباركة في هذه الفترة العصيبة من فترات التاريخ فإننا نرجو من الله عز وجل مزيداً من الخير والاستقامة؛ لأن الله قد وعدنا بإظهار هذا الدين فقال: {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة:٣٣] وقال سبحانه: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ} [غافر:٥١].

أخي في الله! العقوبات متوقعة في مثل هذه الفترات من فترات التاريخ، ولولا رحمة الله عز وجل وكرمه ومنته وفضله وإحسانه لكانت هذه الأمة أثراً بعد عين، فهذا الربا قد أعلن عنه في وضح النهار أمام المسلمين، وأصبحنا بين كل فترة وأخرى نرى أرباع وأعشار متعلمين ممن يفتون بحل الربا، ويقولون: ليس هناك رباً إلا ربا الأضعاف المضاعفة، والله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة:٢٧٨ - ٢٧٩]، ويقول: {وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة:٢٧٥].

ذنوب عظيمة أسأل الله عز وجل أن يرزقنا سرعة التوبة والإنابة منها.

كما أسأل الله عز وجل أن يوفق القادة والمسئولين وأصحاب الحل والعقد في بلادنا الطيبة المباركة التي تهوي إليها أفئدة العالمين أجمعين، والتي يستقبلها العالم الإسلامي في كل يوم خمس مرات في أفضل وأعظم فريضة أسأل الله تعالى أن يوفقهم للضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه العبث بالأخلاق أو بالفضائل أو بالمعتقدات.

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.