للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ضرورة العدل بين الأولاد]

في قوله تعالى: {لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} [يوسف:٨] ذهب طائفة من المفسرين إلى أن إخوة يوسف الأحد عشر أنبياء، وهم الأسباط الذين يذكرهم الله عز وجل في كل آية يعدد فيها الأنبياء، فقد أخذتهم الغيرة بسبب تقديم يعقوب عليه السلام يوسف في المحبة، فإن يوسف عليه الصلاة السلام نال من أبيه محبة شديدة، حتى ما كان يسمح ليوسف عليه السلام أن يخرج مع إخوته لرعي الغنم، وهذه المحبة كانت من أكبر الأسباب التي أوغرت صدور إخوة يوسف ضد أخيهم يوسف عليه السلام.

ولذلك فإن العدل بين الأولاد يعتبر أمراً مهماً لا يجوز تضييعه، ولا يجوز تفضيل بعضهم على بعض، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لـ أبي النعمان بن بشير رضي الله عنهما: (إني لا أشهد على جور، اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) حينما أراد أن يفضل أحد الأولاد على بعض، ولذلك ما يحدث من العقوق من الأولاد لربما يكون أكبر أسبابه هو عدم العدل بين الأولاد، فهؤلاء بينوا العلة التي جعلتهم يغارون من أخيهم يوسف عليه السلام حيث قالوا: {لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} [يوسف:٨] حتى قالوا لأبيهم عليهم الصلاة السلام جميعاً: {إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [يوسف:٨] ثم أدى ذلك إلى أن يفكروا في قتل أخيهم، فقالوا: {اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ} [يوسف:٩] وهذا دليل على أن تفضيل أحد الأولاد دون الآخرين يغرس الحقد والكراهية لهذا الولد المفضل، ولربما يصل إلى ذلك الأب فيكون سبباً من أسباب العقوق.