للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التبرج]

نقصد بالتبرج هذه الخلاعة المشينة التي بلي بها عالمنا اليوم، فإننا نرى تبرجاً فظيعاً لم يمر مثله حتى في الجاهلية الأولى، يقول الله عز وجل: {وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} [الأحزاب:٣٣]، هذا التبرج الذي أخذت كل بلد منه بنصيب، وبمقدار ما يكون لهذه الدولة ولهذه الأمة من نصيب من المحافظة يكون نصيبها أقل بالنسبة للتبرج، حتى وصل الأمر إلى عراء كامل في بعض بلاد الله عز وجل، لا سيما في البلاد غير الإسلامية، وهذا التبرج من أكبر وسائل الوقوع في الفاحشة، والوقوع في الفاحشة يسقط الإنسان من عين الله عز وجل، ولذلك لا تعجب حينما ذكر الله عز وجل الزنا في سورة النور ثم ذكر وسائل الوقاية إلى أن قال: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} [النور:٣١] إلى آخر الآية، وهذا التبرج أدى إلى فساد عريض، وأدى إلى فتنة عمياء انتشرت في العالم الإسلامي، وهذا التبرج خلاف ما كان معروفاً في الجاهلية الثانية؛ لأن الجاهلية الثالثة التي نعيشها اليوم أبعد بكثير عن الإسلام في هذا الأمر من الجاهلية الثانية.

تصور أنه حينما كانت الجاهلية الأولى خرجت فيها المرأة عارية تطوف حول البيت، وانتشر الفساد في الأرض، ثم جاءت الجاهلية الثانية التي كانت قبيل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم فبالغت في صيانة المرأة خوفاً عليها من الفساد، حتى وأدوا الفتاة وهي حية، قال الله عز وجل: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ} [التكوير:٨].

لكن في أيامنا الحاضرة تبرجت المرأة خلاف ما كان في تلك الجاهلية، وأبرزت زينتها، وطالبت بحقوقها، وأيضاً هي لا تقف عند حد، فكلما أعطيت من الحرية المزعومة طالبت بما هو أكثر من ذلك، ولذلك فإن التبرج الذي شاهدته نساؤنا في وسائل الإعلام أصبح موضة من موضات هذا العصر، فإن لم يكن موجوداً فلا بد من أن تكون هي المطالبة به.