للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فساد الأنظمة الاقتصادية والسياسية الأسباب والعلاج]

السؤال

ما الرد على من يقول: إن سبب فساد بعض الأنظمة الموجودة كالنظام الاقتصادي والسياسي، وسبب وجود الغربة هو تخلف العلماء وعدم المشاركة في القرارات الشرعية التي تساير ما أتت به هذه الحضارة الحديثة، ويضرب مثالاً لذلك بوجود الأنظمة الاقتصادية الحالية، والسبب هو عدم وضع البديل الإسلامي المناسب، ومن أقواله أيضاً: إن تدريس الفقه الإسلامي ومناهجه يعتبر خاطئاً، بسبب بقاء التدريس على كتب القدماء؟

الجواب

هذا الكلام فيه نقد للقدماء، وهذا خطأ بين؛ لأن القدماء خدموا الإسلام، وهم في قرن خير من قرننا، وإن كان في قرننا خير والحمد لله، لكني أوافق الأخ السائل على بعض ما يقول، فالعلماء قصروا في هذا الجانب، ولم يقدموا الحلول الشرعية لدولة ما من الدول التي فسد اقتصادها أو قام على الربا وما حرم الله، وأكبر ظني أن كثيراً من هؤلاء العلماء في عزلة عن الأنظمة الحديثة، ولكن هناك أمر آخر لا نغفل عنه، وهو أن هؤلاء العلماء أكثرهم ما أُخذ رأيه في هذه الأمور، وهذه أنظمة اقتصادية جاءتنا من الخارج، وقيل لنا: إن نظام الحياة لا يقوم إلا عليها.

ولو كانت جائرة ولو كانت ربا ولو كانت حرباً لله ورسوله، وإن كان طائفة من العلماء أرادوا أن يغيروا، لكنهم لم يغيروا إلا شيئاً يسيراً، ونحن هنا نستطيع أن نقترح على الدولة -وهي لا شك أمثل دولة نعتمد عليها بعد الله سبحانه وتعالى- أنها إذا كانت تريد أن تحارب هذا الربا العظيم الذي هو حرب لله ورسوله فباستطاعتها -لا سيما في هذا العصر الذي -والحمد لله- كثر فيه علماء الاقتصاد الإسلامي الواعون- أن تشكل لجنة ونخبة من صالحي العلماء المدركين للأوضاع الاقتصادية وأنظمة الحياة الحديثة وأن تكلفهم بهذه المهمة، وقد سبق أن كتبنا لبعض المسئولين واقترحنا عليهم أشخاصاً معروفين، ولهم وزن وثقل في المجتمع، وأعتقد أن مثل هؤلاء لو وكل إليهم الأمر لأغنوا هذه البلاد عن الأنظمة الاقتصادية المنحرفة المحرمة التي تحارب الله عز وجل ورسوله.

وأملنا في الله عز وجل ثم في الدولة كبير، لا سيما أنها دائماً وأبداً -إن شاء الله- سوف تبحث عن الحلول التي تخلص فيها هذا البلد مما حرم الله سبحانه وتعالى، فالعلماء مسئولون عما انتشر من الربا، سواء أكانت هذه المسئولية بإيجاد الحلول للدولة، أو بمطالبة الدولة أو أي دولة في بلاد العالم الإسلامي أن تزيل الربا، ولكنهم لم يعطوا الأمر حقه حتى يستطيعوا أن ينطلقوا منطلقاً قوياً، ولكن لنا أمل في الله عز وجل أن تشكل الحكومة في هذه الظروف لجنة من العلماء المدركين المخلصين الذين يهتمون بهذه الأمور ليقوموا بهذا العمل، أما الأصل فإن العلماء أكثر ما يغزى الإسلام من قبلهم حينما يتهاونون في الأمر، ولذلك ما حلت أنظمة البشر وقوانين الرجال في بلاد من بلاد الله إلا بسبب ضعف القضاة أو تساهلهم في أمر من أمور القضاء، فتكثر القوانين الوضعية حينما يفسد نظام الحياة، وحينما يعجز القضاة الشرعيون عن حلها، فحينئذ يظهر الفساد في السياسة وفي الاقتصاد وفي كل الأنظمة، والله المستعان.