للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أسباب الثبات على هذا الدين وأسباب الانحراف عنه]

السؤال

الصحوة بحمد الله منتشرة، ولكن ما هي الأسس التي تثبت الشباب التائب على التوبة، وجزاكم الله خيراً؟

الجواب

الأسس كثيرة، والعقبات كثيرة، وأكبر عقبة تصرف الشباب عن الصحوة الإسلامية بعد أن يهتدوا هي: جلساء السوء، فكثيراً ما نسر بشاب اتجه إلى ربه، ثم نفاجأ بعد فترة أنه قد انحرف، وإذا تتبعنا أخباره وجدناه يصاحب أناساً لا خلاق لهم، فربما يسخرون من تدينه، ويسخرون من لحيته، ويسخرون من ثوبه القصير، ويسخرون من سلوكه، وقد يسخرون من ذهابه إلى المسجد، فهذا يعتبر من أكبر العقبات التي تحرف الشباب.

ولذلك نقول: إنّ أول ما تفعله حينما تتجه إلى الله أن تتجنب جلساء السوء، إلا إذا كنت على مستوى عالٍ من العقلية والقوة الشخصية، فتريد أن تدعوهم إلى الله فهذا أمر مطلوب، أما إذا كنت أقل منهم شخصية فإن عليك أن تجتنبهم.

ومن الأسباب التي تثبت الإنسان على هذا الطريق العلم، فإني أرى اليوم كثيراً من الشباب الذين اتجهوا إلى الله قد اكتفى بما عنده من العلم، وربما يأتيه شيطان من شياطين الإنس أو شياطين الجن ويوسوس له، ثم يحرفه، ولذلك أقول: عليك أن تبحث عن العلم الشرعي الذي يعرفك بالله عز وجل، وأن تقرأ القرآن وتتفهم معانيه، وأن تقرأ شيئاً من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وتتفهم معانيها، وأن تقرأ شيئاً من الكتب العصرية التي تحذر من الأفكار التي تفد إلى بلاد المسلمين، ثم تجتنب هذه الأشياء، فهذه كلها أمور مطلوبة في سبيل هذه الصحوة الإسلامية المباركة.

كذلك من هذه الأشياء: أن يسأل الإنسان الثبات من الله عز وجل، بل هذا أهم الأمور، والرسول صلى الله عليه وسلم كان دائماً يقول: (يا مقلب القلوب! ثبت قلبي على دينك)، فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول هذه الكلمة فكيف بنا نحن المقصرين؟! فيجب علينا أن نسأل الله دائماً الثبات، وجاء عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت لرسول الله: (يا رسول الله! أتخشى على نفسك وأنت رسول الله؟! فقال: يا عائشة وما يؤمنني وقلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء؟).

فيجب علينا أن نسأل الله الثبات، لا سيما في عصر الفتن الذي نعيشه اليوم، هذا العصر الذي يصبح فيه الرجل مؤمناً، ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً، عصر التقلب؛ لذلك نسأل الله دائماً الثبات ولا نغتر؛ لأنّ الغرور أخطر شيء في حياة الإنسان، فهو الذي أخرج إبليس من الجنة، وأدخله النار، بل جعله قائد الكفرة إلى النار، فعلينا أن نستشعر التقصير في جنب الله سبحانه وتعالى، والله تعالى يقول: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} [إبراهيم:٢٧].