للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التبرج والسفور ودور الرجال والنساء في الحدِّ منه

السؤال

نظراً لكثرة التبرج، وخروج النساء كاسيات عاريات، حتى المتحجبة قد تتحجب بحجاب بعيد عن الشروط الشرعية، وهذا يدل على مستوى الجهل الذي حل بالنساء، فما الحل، وما دور المرأة المتدينة تجاه ذلك، وما دور الرجال تجاه ذلك أيضاً؟

الجواب

الحل هو العودة إلى حكم الله عز وجل، وإلى القرآن الذي أرشد المرأة إلى سبل الفضيلة، وكما قلت لكم: إن الله عز وجل ذكر التبرج كسبب من أسباب الزنا؛ لأن الله تعالى لما ذكر في سورة النور الزنا ذكر له أسباباً، وذكر من أسبابه التبرج، وذكر من أسباب العفة غض البصر وإحصان الفرج، ولذلك نقول: هذا التبرج الذي أشار إليه الأخ السائل أصبح الآن خطيراً، سواء كان في صور المواجهة التي يشاهدها الإنسان من هذه المرأة وجهاً لوجه، أو من الصور المتحركة التي يشاهدها كثير من الناس من خلال الأفلام، أو من خلال الصور الثابتة، أو من جهات أخرى.

ولذلك نقول: إن التبرج محرم، والتبرج معناه: إظهار الزينة.

من البرج وهو المكان المرتفع الذي يرى من بعيد، والتبرج له طرق شتى ووسائل متعددة، سواء في ذلك إخراج زينة البدن، أو إخراج الثياب الجميلة، أو لبس الملابس الرقيقة أو الضيقة أو ما أشبه ذلك من الطرق الأخرى، وعلى هذا نقول: إن المرأة المسلمة لا تتبرج ولا تخرج شيئاً من جسدها ولا تفتن الناس.

وهي حينما تفتن هؤلاء الناس تسأل يوم القيامة عن كل من كانت سبباً في فتنته وضلاله، ولذلك تتحمل هذه المسئولية، وتتحمل هذا الأمر الذي تنشره في هذا المجتمع.

والتبرج أيضاً ورد فيه أحاديث شديدة منها قوله صلى الله عليه وسلم: (صنفان من أمتي لم أرهما بعد؛ رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات، رءوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا).

والمرأة المسلمة أنصحها بأن تقتدي بزوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي ما أشار الله عز وجل إليه بقوله: {فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [الأحزاب:٣٢]، يعني: لا ترقق صوتها: {وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الأحزاب:٣٢ - ٣٣]، ثم قال بعد ذلك: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} [الأحزاب:٣٤]، أي: تبليغ دعوة الإسلام.

ولذلك فإنا ننصح الفتيات المؤمنات اللاتي هداهن الله عز وجل في هذه الفترة أن يقمن بدور الدعوة والإصلاح، فإن المرأة تتقبل من المرأة أكثر مما تتقبل من الرجل، وأن تكون داعية إصلاح وعفة وطهارة، والله تعالى يكتب لها أجر الجهاد في سبيل الله تعالى، كما ندعو أيضاً الآباء والأولياء والرجال عامة أن يربوا هذا النشء تربية إسلامية صحيحة، حتى لا يكون في هذا المجتمع هذه الأشياء التي نحذرها ونخاف من نتائجها.

هذه النساء أمانة أيها الرجل! أيها الولي! أباً كنت أو أخاً، أو مسئولاً أي مسئولية من المسئوليات، هذه أمانة في عنقك: عليك أن تخشى الله عز وجل، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، الأب راع في بتيه ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها، وكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته)، وهذه المسئولية تكون بين يدي الله عز وجل يوم القيامة؛ فإن الله تعالى إذا أوقف الناس بين يديه للحساب يوم القيامة، جاءت هذه البنت وقالت لله عز وجل: يا رب! زده عذاباً ضعفاً في النار -تعني أباها- إنه خانني، ولم يربني تربية صالحة، فلنتق الله عز وجل في هذه الذرية، فلا تبرج، ولا سفور، ولا ازدحام مع الرجال، ولا اختلاط، ولا نغتر بهذه الدعايات فإن أعداء الإسلام يريدون أن نضل السبيل، والله المستعان عليهم.