للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[معالجة النظر إلى النساء]

السؤال

أنا شاب ملتزم والحمد لله، وأحافظ على الصلوات جميعها في المسجد، لكن مشكلتي هي أنني أطالع في النساء، ولا أغض بصري، رغم أني متزوج بزوجة صالحة إن شاء الله، وعندما أحاول غض بصري تراودني أفكار بأنني لا أقدر أن أغض بصري إلا بزوجة ثانية، وأكون متردداً وفي حيرة، وخوفي هو أن أتزوج وتستمر هذه العادة، أفيدوني أفادكم الله؟

الجواب

يقول الله عز وجل: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى} [النور:٣٠]، وفي الحديث القدسي: (النظر سهم مسموم من سهام إبليس، من تركه مخافتي أبدلته إيماناً يجد حلاوته في قلبه).

ولا شك أن النظر خطير جداً، ويكفي أن الله سبحانه وتعالى ذكره في سورة تتحدث عن الزنا، وابتدأت بذكر الزنا: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} [النور:٢]، ثم تحدث الله بعد ذلك عن عوامل الزنا، فذكر من هذه العوامل القذف؛ لأن القذف يشيع الفاحشة، وذكر من هذه العوامل دخول البيوت فقال: {لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} [النور:٢٧]، ويدخل في ذلك الاختلاط ثم ذكر سبحانه من عوامل الزنا النظر فقال: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور:٣٠]، ثم ذكر بعد ذلك الزواج مباشرة فقال: {وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور:٣٢]، ونأخذ من خلال هذه الآيات المتتالية أن النظر يسبب الزنا، ولذلك يقول الشاعر: جل الحوادث مبدؤها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر والنكاح أو الزواج هو أكبر وسيلة للعفة؛ لأن الله تعالى لما ذكر النظر قال: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور:٣٠]، وقال: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور:٣١]، وذكر التبرج ثم قال: {وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور:٣٢].

إذاً: الزواج يُعتبر وسيلة من وسائل غض البصر وحفظ الفرج، ولذلك أقول أيها الإخوة: إن الله عز وجل حكيم، ولا شك في أنه أحكم الحاكمين؛ ولذلك ما سد طريق الفاحشة وإلا وفتح أربعة طرق، وليس طريقاً واحداً، فأباح أربع زوجات لكل واحد من المسلمين.

ولا شك أن في أيامنا الحاضرة تقوم ضجة كبيرة ضد تعدد الزوجات، وتنفير الناس من تعدد الزوجات، ويعتبرون هذا ظلماً للمرأة، وهو في الحقيقة تكريم للمرأة، وليس ظلماً للمراة؛ لأن الزوجة الثانية لن يأخذها المتزوج من رجل متزوج بها، وإنما يأخذ امرأة ليس معها زوج، فيعف امرأة ثانية وثالثة ورابعة.

والمرأة حين تبقى مع زوج معه أكثر من زوجة خير لها من أن تبقى مطلقة أو تبقى أرملة أو تبقى عانساً.

وعلى كل أقول لهذا الأخ: الزواج هو طريق العفة، وقد سماه الله تعالى إحصاناً وسمى المتزوجة محصنة، يقول العلماء: لأنه كالحصن يتحصن به الإنسان من القتل أو كالحصان الذي يمنع صاحبه من أن يقع في الفاحشة؛ ولذلك نعتبر الزواج بواحدة إذا كانت تعف الإنسان أو باثنتين أو ثلاث أو أربع أمراً مطلوباً، وقد وضع الله عز وجل هذا العدد من أجل أن يستغني الإنسان بالحلال عن الحرام.

وعلى كل نقول: يا أخي! تزوج ثانية وتزوج ثالثة ورابعة حتى تعف نفسك، ولكن في نفس الوقت عليك أن تتصور أن هذا الأمر خطير جداً؛ لأنه يتبعه أشياء بعده أخطر منه، فهو يُعتبر بداية، وليس نهاية، فالنظر كما عرفنا سهم مسموم، فأقول لهذا الأخ: تزوج، واخش الله عز وجل بغض البصر، وأسأل الله أن يحفظني وإياك والمسلمين.

والحمد لله رب العالمين.

وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.