للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عقوق الوالدين]

وقوله: (وأطاع الرجل زوجته، وعق أمه): الأم هي التي حملت هذا الإنسان ووضعته وهناً على وهن، وأرضعته من دمها، وبذلت كل ما تستطيع وفوق ما تستطيع من أجل سلامة هذا الطفل، حتى إذا كان رجلاً أدنى زوجته وعقها، أي: عصاها وخالفها في غير طاعة الله سبحانه وتعالى، وهذا أيضاً علامة من علامات العقوبة.

يقول الرسول صلى الله عليه وسلم بعد ذلك: (وأدنى صديقه وجفا أباه): وهل يكون الصديق أقرب من الأب؟ وهل يتغلب حق الصديق على حق الأب وحق الزوجة على حق الأم؟

الجواب

لا يوجد ذلك إلا في أمة انحرفت عن المنهج المستقيم، فإذا أدنى الرجل صديقه وجفا أباه وأطاع زوجته وعق أمه فهذا انحراف، وقد أمر الله عز وجل ببر الوالدين، وجعل حق الوالدين بعد حق الله عز وجل مباشرة، كما قال عز وجل: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} [الإسراء:٢٣]، وقال: {وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً} [العنكبوت:٨].

إذاً: تقديم حق أي واحد من الناس على حق الوالدين يعتبر إثماً ومعصية، فحتى في حال كفر الوالدين، وفي حال محاولة إكراه الولد على أن يكفر بالله من قبل الوالدين، لا طاعة للوالدين في مثل هذا الأمر، ولكن يبقى لهما حق الإحسان، كما قال عز وجل: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ} [العنكبوت:٨]، وقال: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ} [لقمان:١٥].