للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حكم الامتناع عن الدعوة لمن مُنع عنها

السؤال

إذا مُنعت من الدعوة فهل يجوز لي أن أمتنع، ولا ينالني الخسران المذكور في قوله تعالى: {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر:١ - ٢]؟

الجواب

ليس لك عذر أن تتوقف حينما تُمنع، فطاعة أولي الأمر واجبة، لكن بشرط ألا تتعارض مع طاعة الله عز وجل، فإذا تعارضت فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، والدولة مسئولة أن تنظم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكن ليس لها الحق أن تمنع داعية يدعو إلى الله عز وجل على بصيرة.

وعلى هذا نقول: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله فرض كفاية، فإذا كان يقوم به من يكفي فيعتبر عذراً لك حينما تتوقف، مع أنك بهذا تفوت كثيراً من الفضيلة؛ لأن الدعوة إلى الله أفضل طريق إلى الجنة، كما قال عز وجل: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً} [فصلت:٣٣]، أي: لا أحد أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً، ولكن حينما تكون الساحة قد خلت أو ضعف هذا الجانب وأنت تُمنع من أن تقوم بالدعوة إلى الله فحينئذٍ لا تتوقف؛ لأنك تسير بأمر من الله عز وجل القائل: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل:١٢٥].

فإذا خلت الساحة ولم يقم بهذا الأمر من يكفي فلا يجوز لأحد أن يتوقف لأي أمر من الأمور، وإذا كانت الساحة قد شُغلت وأصبح الأمر مكتفياً فيكون بالنسبة لك فرض كفاية، وحينئذ لك أن تتوقف، لكن اعلم أن من يدعو إلى الله هو خير منك؛ لأنه يقوم بهذا الأمر العظيم، ويهتدي على يده أناس كثيرون.