للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[موقف الإسلام ممن انتهى عن عداوته وممن لم ينته]

قال الله عز وجل: {فَإِنِ انتَهَوْا} [الأنفال:٣٩] أي: انتهوا من حرب الإسلام ومعاندة المسلمين ودخلوا في طاعة الله {فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الأنفال:٣٩] جواب الشرط محذوف، وهذا تعليل لجواب الشرط المحذوف؛ فقد يقول إنسان: انتهوا في الظاهر لكننا لا نعرف بواطنهم.

نقول: اتركوا الباقي لله سبحانه وتعالى، ما داموا قد انتهوا عن حرب الإسلام وأعلنوا الدخول في طاعة الله فاتركوا البقية لله تعالى.

{وَإِنْ تَوَلَّوْا} [الأنفال:٤٠] أي: إن صمموا على حرب الإسلام، وعلى أذية المسلمين، و (إن) شرطية، و (تولوا) فعل الشرط، وجواب الشرط محذوف، وجاء بالعلة لجواب الشرط، وهي جملة تعليلية تنوب مناب جواب الشرط.

قال الله عز وجل: {وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ} [الأنفال:٤٠] هذا تعليل لجواب الشرط المحذوف {نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} [الأنفال:٤٠] مولاكم: ناصركم، فأنتم بحاجة إلى الله عز وجل، فاطلبوا النصر منه إذا قاتلكم الكافرون، وآذاكم الطغاة والمتجبرون في الأرض، ففي يوم بدر أنزل الله على المسلمين خمسة آلاف من الملائكة مسومين، فله جنود السماوات والأرض، {فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ} [الأنفال:٤٠] أي: هو الذي ينصر حقيقة، ثم أثنى على نفسه سبحانه وتعالى فقال: {نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} [الأنفال:٤٠] أي: ليس كالخلق الذين يُتولون وينُتصر بهم، فإن الخلق ضعاف لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً فضلاً عن أن يملكوه لغيرهم، لكن الله عز وجل يمدح نفسه ويقول: (نعم المولى) أي: الوالي والناصر (ونعم النصير) الذي ينصر أولياءه إذا رجعوا إليه، وخضعوا بين يديه، واستكانوا له، وأعلنوا الذلة والإنابة والانكسار بين يديه سبحانه وتعالى، فإنه نعم المولى ونعم النصير.

وأخيراً ننصح الأمة الإسلامية دائماً وأبداً، وننصح ولاة الأمر بأن يخضعوا لله عز وجل، وأن يرجعوا إليه، وأن يطلبوا منه وحده سبحانه وتعالى النصر والتأييد؛ وحينئذٍ لا يحتاجون إلى أحد، وإن احتاجوا إلى أحدٍ من البشر فإنما هي أسباب لا تغني من الله عز وجل شيئاً، فلا يجوز لهم أن يعتمدوا على هذه الأسباب، وإنما عليهم أن يعتمدوا على المسبب سبحانه وتعالى.

والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.