للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوع المرض والثاني علاجي بعد وقوعه ويكون بالتداوي وأود أن أبين هنا ما يتعلق بالوقائي فمن المعلوم أن الوقاية خير من العلاج ولذا شرع الإسلام حسن اختيار الزوجة فقد جاء في الحديث عن عائشة رضي الله عنها أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: (تخيروا لنطفكم فأنكحوا الأكفاء وأنكحوا إليهم) رواه ابن ماجة والحاكم وصححه الشيخ الألباني بمجموع طرق كما في السلسة الصحيحة ٣/ ٥٦ - ٦٧ وحسنه في صحيح سنن ابن ماجة ١/ ٣٣٣. ومن الوقاية أيضاً الابتعاد عن زواج الأقارب تفادياً لضعف النسل وخاصة إذا تكرر زواج الأقارب فإن النسل يكون أكثر ضعفاً. وقد ورد في الأثر عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال لآل السائب: قد أضوأتم فانكحوا في النوابغ قال الحربي يعني تزوجوا الغرائب. ذكره الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير ٣/ ١٤٦. وقد رويت بعض الأحاديث في تغريب النكاح ولكنها ليست ثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما ذكر الحافظ ابن حجر في المصدر السابق. وذكر طرفاً منها الزبيدي في إتحاف السادة المتقين ٥/ ٣٤٨ - ٣٤٩. ومع ذلك فإن تغريب النكاح أمر معروف لدى الناس قديماً وحديثاً. وما دام أن العلم الحديث قد أثبت أن الزواج بين الأقارب من أسباب انتشار مرض الثلاسيميا فينبغي أخذ ذلك بالاعتبار والتقليل ما أمكن من زواج الأقارب.

وإن حصل زواج بين الأقارب فينبغي أن لا يتكرر في العائلة الواحدة حيث إن توالي الزواج بين الأقارب في الآباء والأبناء يؤول إلى تأخر الذرية وانحطاطها بدناً وعقلاً ذلك الانحطاط الذي نرى آثاره ظاهرة في الأسر الكبيرة التي تلتزم ذلك فيما بين أفرادها.

أما أسباب هذا الانحطاط فهي على الغالب اتحاد الأوصاف والأخلاق الموروثة المتشابهة من سيئة أو حسنة في العقب فتتجلى بوضوح أكثر مما كانت عليه في كل من الأبوين منفرداً. لهذا نرى في ثمرة هذا التزواج القريب الخوارق والتطرف في الحسن أو القبح والجودة أو الرداءة إلى غير ذلك وبما أن الأول من النوادر والثاني هو الغالب كان الأولى في التزاوج أن يكون بين الأباعد ليقل اتحاد الصفات المتشابهة. الطب النبوي والعلم الحديث ٢/ ٩٧ - ٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>