للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله إلا في شوال، فأي نسائه كان أحظى عنده مني) مع تطير الناس بالنكاح في شوال، وهذا فعل أولى العزم والقوة من المؤمنين الذين صح توكلهم على الله، واطمأنت قلوبهم إلى ربهم، ووثقوا به، وعلموا أن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأنهم لن يصيبهم إلا ما كتب الله لهم، وأنهم ما أصابهم من مصيبة إلا وهي في كتاب من قبل أن يخلقهم ويوجدهم، وعلموا أنه لا بد أن يصيروا إلى ما كتبه وقدَّره ولا بد أن يجرى عليهم، وإن تطيرهم لا يرد قضاءه وقدره عنهم، بل قد يكون تطيرهم من أعظم الأسباب التي يجري عليهم بها القضاء والقدر فيعينون على أنفسهم، وقد جرى لهم القضاء والقدر بأن نفوسهم هي سبب إصابة المكروه لهم فطائرهم معهم، وأما المتوكلون على الله المفوِّضون إليه العالمون به وبأمره فنفوسهم أشرف من ذلك، وهممهم أعلى، وثقتهم بالله وحسن ظنهم به عدة لهم وقوة وجنة مما يتطير به المتطيرون ويتشاءم به المتشائمون، عالمون أنه لا طير إلا طيره، ولا خير إلا خيره، ولا إله غيره، ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين. مفتاح دار السعادة ٢/ ٢٦١.

وذهب بعض أهل العلم إلى استحباب الزواج في شوال كما سبق في كلام الإمام النووي أخذاً من حديث عائشة السابق قال البكري: [قوله وفي شوال أي ويسن أن يكون العقد في شوال وقوله وأن يدخل فيه أي ويسن أن يدخل على زوجته في شوال أيضا والدليل عليه وعلى ما قبله خبر عائشة رضي الله عنها قالت: (تزوجني رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في شوال ودخل فيه وأي نسائه كان أحظى عنده مني) وفيه ردٌ على من كره ذلك] إعانة الطالبين ٣/ ٢٧٣.

ولكن الإمام الشوكاني يرى أن حديث عائشة لا يدل على استحباب الزواج في شوال بل يدل على مجرد الإباحة واعترض على صاحب المنتقى بقوله: [استدل المصنف بحديث عائشة على استحباب البناء بالمرأة في شوال وهو إنما يدل على ذلك إذا تبين أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وسلم قصد ذلك الوقت لخصوصية له لا توجد في غيره لا إذا كان وقوع ذلك منه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على طريق الاتفاق وكونه بعض أجزاء الزمان فإنه لا يدل على الاستحباب لأنه

<<  <  ج: ص:  >  >>