للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن القيم: [وقد أشكل هذا الحديث على الناس قديماً وحديثاً فقال أبو بكر الأثرم سمعت أبا عبد الله يسأل عن صيام يوم السبت، واحتج الأثرم بما ذكر في النصوص المتواترة على صوم يوم السبت، يعني أن يقال: يمكن حمل النصوص الدالة على صومه على ما إذا صامه مع غيره وحديث النهي على صومه وحده، وعلى هذا تتفق النصوص. وهذه طريقة جيدة، لولا أن قوله في الحديث (لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم) دليل على المنع من صومه في غير الفرض مفرداً أو مضافاً، لأن الاستثناء دليل التناول، وهو يقتضي أن النهي عنه يتناول كل صور صومه، إلا صورة الفرض، ولو كان إنما يتناول صورة الإفراد، لقال: لا تصوموا يوم السبت إلا أن تصوموا يوماً قبله أو يوماً بعده، كما قال في الجمعة فلما خص الصورة المأذون في صومها بالفرضية علم تناول النهي لما قابلها.

وقد ثبت صوم يوم السبت مع غيره بما تقدم من الأحاديث وغيرها، كقوله في يوم الجمعة (إلا أن تصوموا يوماً قبله، أو يوماً بعده) فدل على أن الحديث غير محفوظ، وأنه شاذ. وقد قال أبو داود: قال مالك هذا كذب، وذكر بإسناده عن الزهري: أنه كان إذا ذكر له النهي عن صيام يوم السبت، يقول: هذا حديث حمصي، وعن الأوزاعي قال: مازلت كاتماً له حتى رأيته انتشر، يعني حديث ابن بسر هذا. وقالت طائفة، منهم أبو داود: هذا حديث منسوخ.

وقالت طائفة، وهم أكثر أصحاب أحمد: محكم وأخذوا به في كراهية إفراده بالصوم، وأخذوا بسائر الأحاديث في صومه مع ما يليه.

قالوا: وجواب أحمد يدل على هذا التفصيل، فإنه سئل في رواية الأثرم عنه؟ فأجاب بالحديث، وقاعدة مذهبه: أنه إذا سئل عن حكم فأجاب فيه بنص يدل على أن جوابه بالنص دليل على أنه قائل به، لأنه ذكره في معرض الجواب فهو متضمن للجواب والاستدلال معاً.

قالوا: وأما ما ذكره عن يحيى بن سعيد: فإنما هو بيان لما وقع من الشبهة في الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>