للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كل قرض جر نفعاً فهو ربا. فإن ما يصرف للمودع يعد رباً وإن سُميَ ربحاً أو عائداً. وإني لأعجب كيف غاب عن العلماء الأفاضل أعضاء المجمع هذه الحقائق مع سعة علمهم وغزارة إطلاعهم؟ غير أن عذرهم هو أنهم يجيبون على سؤال يعرض صورة محددة، هي (تلقي البنك للودائع لاستثمارها بطريق الوكالة في صيغ استثمار مشروعة)، وكان الجواب على قدر السؤال وإن بصورة افتراضية غير متحققة في الواقع. وإن كنا سنرى أن تحديد مبلغ مقدماً للمودع بصفته موكلاً لا يجوز شرعاً، ولو سمي ربحاً؛ لأنه يناقض أحكام الوكالة في الاستثمار التي أجمع عليها الفقهاء، وهي: أن ربح الوديعة المستثمرة كله للمودع، وأن خسارتها التي لا يد للوكيل فيها عليه. وأن أجر الوكيل يجب تحديده عند توقيع عقد الوكالة بمبلغ مقطوع أو نسبة من الوديعة المستثمرة. وهذا كله يقتضي أن يمسك الوكيل (البنك) حساباً مستقلاً للوديعة أو مجموع الودائع، يقيد فيه الإيرادات والمصروفات حتى يتحدد الربح الذي يستحقه المودع أو مجموعة المودعين، وذلك على النحو الذي تمارسه البنوك الإسلامية في عمليات الاستثمار بطريق الوكالة.

الاعتبار الثاني: أنه على فرض أن العقد الذي ينظم علاقة البنك والمودعين فيه هو عقد وكالة في الاستثمار، وهو فرض يناقض حكم القوانين وينافي الواقع العملي؛ فإن البنوك التجارية والمتخصصة لا تملك استثمار الودائع بنفسها استثماراً مباشراً؛ بمعنى الاتجار فيه، بل تملك إقراضه للغير بفائدة. فالقانون المصري رقم ١٦٣ لسنة ١٩٥٧ والقوانين المعدلة له تنص على ما يأتي: المادة رقم ٢٦ مكرراً تنص على أنه (تخضع جميع البنوك التي تمارس عملياتها داخل جمهورية مصر العربية لأحكام هذا القانون). والمادة رقم ٣٨ من نفس القانون تنص على أنه (يُعتبر بنكاً تجارياً كل منشأة تقوم بصفة معتادة بقبول ودائع تدفع عند الطلب أو بعد أجل لا يجاوز سنة).

والمادة رقم ٣٩ من نفس القانون تنص على أنه (يحظر على البنك التجاري أن يباشر العمليات الآتية:

أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>