للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أهل العلم من يرى أن نزول الآية لم يكن في قصة أبي طالب حيث إنها في سورة براءة كما قرره الحافظ ابن حجر العسقلاني وهي من أواخر ما نزل من القرآن.

قال الألوسي: [واستبعد ذلك الحسين بن الفضل بأن موت أبي طالب قبل الهجرة بنحو ثلاث سنين وهذه السورة من أواخر ما نزل بالمدينة. قال الو احدي: وهذا الاستبعاد مستبعد فأي بأس أن يقال: كان - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يستغفر لأبي طالب من ذلك الوقت إلى وقت نزول الآية فإن التشديد مع الكفار إنما ظهر في هذه السورة، وذكر نحواً من هذا صاحب التقريب، وعليه لا يراد بقوله: فنزلت في الخبر أن النزول كان عقيب القول بل يراد أن ذلك سبب النزول، فالفاء فيه للسببية لا للتعقيب. واعتمد على هذا التوجيه كثير من جلة العلماء وهو توجيه وجيه، خلا أنه يعكر عليه ما أخرجه ابن سعد وابن عساكر عن علي - رضي الله عنه - قال: أخبرت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بموت أبي طالب فبكى فقال: (اذهب فغسِّله وكفنه وواره غفر الله له ورحمه) ففعلت وجعل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يستغفر له أياماً ولا يخرج من بيته حتى نزل عليه جبريل - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بهذه الآية {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ ... الخ} فإنه ظاهر في أن النزول قبل الهجرة لأن عدم الخروج من البيت فيه مغياً به، اللهم إلا أن يقال بضعف الحديث لكن لم نر من تعرض له، والأولى في الجواب عن أصل الاستبعاد أن يقال: إن كون هذه السورة من أواخر ما نزل باعتبار الغالب كما تقدم فلا ينافي نزول شيء منها في المدينة. والآية على هذا دليل على أن أبا طالب مات كافراً وهو المعروف من مذهب أهل السنة والجماعة] تفسير روح المعاني ٦/ ٣٢.

ومن أهل العلم من قال بتعدد سبب نزول الآية كالسيوطي حيث قال: [الحال السادس: أن لا يمكن ذلك فيحمل على تعدد النزول وتكرره.

مثاله: ما أخرجه الشيخان عن المسيب قال: لما حضر أبا طالب الوفاة دخل عليه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وعنده أبو جهل وعبد الله بن أمية فقال: (أي عم قل لا إله إلا الله أحاج لك بها عند الله) فقال أبو جهل وعبد الله: يا أبا

<<  <  ج: ص:  >  >>