للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وينبغي أن يعلم أنه ليس المقصود من الأضحية اللحم فقط، وتوزيعه صدقة أو هدية، وإنما يقصد بالأضحية أيضاً تعظيم شعائر الله عز وجل، وإراقة الدم كوسيلة من وسائل الشكر لله تعالى، قال الله تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} سورة الحج الآية ٣٢. وكذلك الامتثال لأمر الله عز وجل بإراقة الدم، اقتداءً بإبراهيم - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما قال تعالى: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} سورة الحج الآية ٣٧. ولو كان المقصود بالأضحية اللحم لما أمر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أبا بردة لما ذبح قبل الوقت المقرر شرعاً أن يعيد الذبح لأن المقصود قد حصل فعن البراء - رضي الله عنه - قال: (خطبنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم النحر بعد الصلاة فقال: من صلى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك، ومن نسك قبل الصلاة فتلك شاة لحم. فقام أبو بردة بن نيار فقال: يا رسول الله لقد نسكت قبل أن أخرج إلى الصلاة وعرفت أن اليوم يوم أكل وشرب فتعجلت فأكلت وأطعمت أهلي وجيراني. فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: تلك شاة لحم. فقال: إن عندي عناقاً جذعةً وهي خيرٌ من شاتي لحم فهل تجزئ عني؟ قال: نعم، ولن تجزئ عن أحدٍ بعدك) رواه البخاري ومسلم.

وقد أجابت دار الإفتاء المصرية عن سؤال عن التضحية بالعجول المسمنة التي لم تبلغ السنتين فأجابت بما يلي: [جرى فقه أئمة المسلمين على أنه لا يجزئ في الأضحية إلا الأنعام، وهى الإبل والبقر والغنم، لقوله تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} سورة الحج الآية ٢٨، وأقل ما يجزئ من هذه الأنواع في الأضحية الجذع من الضأن، والثنية من المعز وغيرها. لما روى جابر أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (لا تذبحوا إلا مسنة، إلا إن تعسر عليكم، فاذبحوا جذعة من الضأن) وروى عن علي - رضي الله عنه - قال: (ولا يجوز في الضحايا إلا الثني من المعز والجذعة من الضأن) وعن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: (لا تضحوا بالجذع من المعز والإبل والبقر) والثني من البقر والمعز ما كان لها سنتان ودخلت في الثالثة، ومن الإبل ما كان لها خمس سنوات ودخلت في السادسة، وقد جزم الثقات من أهل اللغة بأن الجذع من الضأن والماعز

<<  <  ج: ص:  >  >>