للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاء في الحديث عن يسيرة بنت ياسر - وكانت إحدى المهاجرات - قالت: قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (عليكن بالتسبيح والتهليل والتقديس واعقدن بالأنامل فإنهن مسؤولات ومستنطقات) رواه أبوداود والترمذي والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي، وحسنه النووي والحافظ ابن حجر والألباني.

وهذا الحديث يدل على عقد التسبيح باليدين اليمنى واليسرى، ورواية أبي داود السابقة تدل على عقد التسبيح باليمنى فقط.

وقد قال بعض أهل العلم: إن رواية أبي داود والتي فيها (بيمينه) مدرجة من الراوي إذ ليست في الأصول، إلا أن ابن علان في شرحه على الأذكار لم يرتض ذلك، ووفق بين الحديثين بقوله: " هذا وحديث يسيرة السابق، عقد الأنامل فيه شامل لكلا اليدين وحينئذ فإما أن يحمل على اليمين ليوافق حديث ابن عمرو أو يبقى على عمومه بالنسبة لحصول أصل السنة ويحمل خبر ابن عمرو على بيان الأفضل، أو يحمل حديثهما على ما احتيج إلى اليدين، وحديثه على ما إذا كفى أحدهما "، الفتوحات الربانية ١/ ٢٥٥.

وخلاصة الأمر أن من يسبح باليدين فقد أصاب أصل السنة لثبوت ذلك في الحديث، ولكن التسبيح باليد اليمنى أفضل لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يحب التيامن دائماً.

وما أشار إليه حديث يسيرة (فإنهن مسؤولات مستنطقات) فيه إشارة إلى قوله تعالى: (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) سورة النور /٢٤.

فالله سبحانه وتعالى ينطق الجوارح بقدرته فتخبر كل جارحة منها بما صدر عنها من أفاعيل صاحبها، كما قال الألوسي في تفسيره ٩/ ٣٢٤.

وبناءً على ما سبق، يظهر لي أن التسبيح باليدين أولى وأفضل من التسبيح بالسبحة، قال المباركفوري: " وفي الحديث مشروعية عقد التسبيح بالأنامل وعلل ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث يسيرة الذي أشار إليه الترمذي، بأن الأنامل مسؤولات مستنطقات يعني أنهن يشهدن بذلك، فكان

<<  <  ج: ص:  >  >>