للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما لم يستحله " شرح العقيدة الطحاوية /٣٥٥.

وكلام الإمام الطحاوي ينطبق على مرتكب الكبيرة ما عدا الشرك، فإن مذهب أهل السنة والجماعة عدم تكفير مرتكب الكبيرة كما أسلفت إذا مات على عقيدة التوحيد، وإن لم يتب من معصيته ويدل على ذلك قول الرسول- صلى الله عليه وسلم -: (يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ من كان في قَلْبِهِ ذَرَّة مِنْ إيمان) رواه البخاري، فلو كان مرتكب الكبيرة يكفر بكبيرته لما سماه الله ورسوله مؤمناً.

وبعد هذه المقدمة أعود إلى جواب السؤال فأقول: إن جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية يرون أنه يصلى على قاتل نفسه، لأنه لم يخرج عن الإسلام بل هو فاسق والفسقة يصلى عليهم.

ورأى الحنابلة أن إمام المسلمين لا يصلي على من قتل نفسه، ويصلي عليه بقية الناس، قال الخرقي: " ولا يصلي الأمام على الغال ولا على من قتل نفسه " وقال ابن قدامة شارحاً ذلك: الغال هو الذي يكتم الغنيمة أو بعضها ليأخذه لنفسه ويختص به، فهذا لا يصلي عليه الإمام ولا على من قتل نفسه متعمداً، ويصلي عليه سائر الناس، نص عليهما أحمد " المغني ٢/ ٤١٥.

ويدل على ذلك ما رواه مسلم، عن جابر بن سمرة قال: (أُتِيَ النَّبِي- صلى الله عليه وسلم - بِرَجُلٍ قَتَلَ نَفْسَهُ بِمَشَاقِصَ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ)، والمشاقص سهام عراض مفردها مشقص.

وجاء الحديث في رواية أبي داود مفصلاً فعن جابر بن سمرة قال: (مَرِضَ رَجُلٌ فَصِيحَ عَلَيْهِ فَجَاءَ جَارُهُ إِلَى النبي- صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَهُ: إِنَّهُ قَدْ مَاتَ، قَالَ: وَمَا يُدْرِيكَ، قَالَ: أَنَا رَأَيْتُهُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: إِنَّهُ لَمْ يَمُتْ، قَالَ: فَرَجَعَ فَصِيحَ عَلَيْهِ فَجَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ مَاتَ، فَقَالَ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -: إِنَّهُ لَمْ يَمُتْ، قال: فَرَجَعَ فَصِيحَ عَلَيْهِ فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ: انْطَلِقْ إِلَى رَسُولِ اللَّه - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبِرْهُ، فَقَالَ الرَّجُلُ: اللَّهُمَّ الْعَنْهُ قَال: َ ثُمَّ انْطَلَقَ الرَّجُلُ فَرَآهُ قَدْ نَحَرَ نَفْسَهُ بِمِشْقَصٍ مَعَهُ، فَانْطَلَقَ إِلَى رسول الله- صلى الله عليه وسلم -

<<  <  ج: ص:  >  >>