للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال تعالى: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) سورة النور الآية ٣١.

قال الحافظ ابن عبد البر: [ولو كانت الطهارة والصلاة وأعمال البر مكفرةً للكبائر والمتطهر المصلي غير ذاكر لذنبه الموبق ولا قاصد إليه ولا حضره في حينه ذلك أنه نادم عليه ولا خطرت خطيئته المحيطة به بباله لما كان لأمر الله عز وجل بالتوبة معنى ولكان كل من توضأ وصلى يشهد له بالجنة بأثر سلامه من الصلاة وإن ارتكب قبلها ما شاء من الموبقات الكبائر وهذا لا يقوله أحد ممن له فهم صحيح وقد أجمع المسلمون أن التوبة على المذنب فرض والفروض لا يصح شيء منها إلا بقصد ونية واعتقاد أن لا عودة فأما أن يصلي وهو غير ذاكر لما ارتكب من الكبائر وغير نادم على ذلك فمحال فقد قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (الندم توبة) - رواه ابن ماجة وهو حديث صحيح قاله الشيخ الألباني - وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة إلى ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر).

وفي رواية أخرى قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارات لما بينهن من الخطايا ما لم تغش الكبائر) رواه مسلم.

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (الجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهما لمن اجتنب الكبائر) رواه ابن ماجة وهو حديث صحيح.

ومما سبق يتضح لك أن الصغائر تكفر بالصلوات الخمس لمن اجتنب الكبائر فيكون على هذا معنى قول الله عز وجل: (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ) الصغائر بالصلاة والصوم والحج وأداء الفرائض وأعمال البر وإن لم تجتنبوا الكبائر ولم تتوبوا منها لم تنتفعوا بتكفير الصغائر إذا واقعتم الموبقات المهلكات والله أعلم.

وهذا كله قبل الموت فإن مات صاحب الكبيرة فمصيره إلى الله إن شاء غفر له وإن شاء عذبه فإن عذبه فبجرمه وإن عفا عنه فهو أهل العفو وأهل المغفرة.

وإن تاب قبل الموت وقبل حضوره ومعاينته واعتقد أن لا يعود

<<  <  ج: ص:  >  >>