للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كنا نصرف أكثر جهدنا للتعليم العربي فذلك لأن العربية هي لغة الدين الذي هو أساس حياتنا ومنبع سعادتنا، ولأنها هي التي نحسن تعليمها، ولأنها- وهذا من الوجاهة والعدالة بمكان- هي اللغة المهملة بين أبنائها، المحرومة من ميزانية بلدها، المطاردة في عقر دارها، المغلقة مدارسها، المحارب القائمون على نشرها من أبنائها، اللهم إلا قليلا نادرا- على خوف- يحتج به عند مقتضى الحال، وإلا المدارس الرسمية الثلات التي لا تقبل إلا عددا محدودا لتخريج من يملأ الوظائف الرسمية ويناسب روحها.

ولو أنا حرمنا من حرية تعلم اللغة الفرنسوية التي هي سبيلنا إلى آداب الغرب وعلومه وفنونه وفهمه من جميع جهاته، كما حرمنا من حرية تعلم لغتنا، لوقفنا إزاء ذلك الحرمان لو كان، كوقوفنا إزاء هذا الحرمان.

إن شعبين متباينين ربطت أوضاع الحياة الجارية بينهما، لا أحسن لهما من أن يتفاهما ويتكارما ويتناصفا ويتآلفا، ومفتاح ذلك أن يتعلم كل منهما لغة صاحبه.

هذا ما نقوله نحن الذين نريد الوئام والسلام، أما الذين يحاربون العربية فهم يفرقون ويشوشون فسيندمون، وتنتشر العربية بقوة الحق والفطرة وهم كارهون.

فإلى المسؤولين الذين يقدرون مسؤوليتهم وجعلوا المصلحة العامة العليا غايتهم، نوجه نداءنا من أجل حرية الدين ولغة الدين، وفتح طريق التعلم والتقدم للمسلمين وغير المسلمين باللغتين.

عبد الحميد بن باديس


البصائر: السنة ٣، ع ١٣٦، قسنطينة يوم الجمعة ٢٧ شعبان
١٣٥٧هـ المرافق ليوم ٢١ أكتوبر ١٩٣٨م، الصفحة ١ وعمود ١ من ص ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>