للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصبح، ثم جاءه الملك بالوحي، فكان أول ما أنزل من القرآن قوله تعالى:

{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}.

ولم يكن في هذا أمر بالتبليغ لغيره. فرجع إلى بيته فأعلم زوجته خديجة رضوان الله عليها فصدقته، وقوته بذكر صفاته العالية وأخلاقه الكريمة الطيبة التي لا يجازي الله صاحبها إلا بالكريم الطيب وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان، فقالت له: فوالله لا يخزيك الله أبداً، فوالله إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق. فكانت هي أول مصدق له. ثم فتر الوحي، ثم رأى الملك المرة الثانية ولم يكن قد اعتادت بشريته رؤية الملائكة، فرجع إلى أهله يقول لهم: دثروني دثروني! فدثروه أي غطوه بثياب فأنزل عليه قوله تعالى:

{يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ}.

فكان هذا أول أمر بالتبليغ والإنذار فكان تبليغه لزوجته وهي مصدقة له وكان يبلغ الفرد والفردين وكان أبو بكر الصديق أول من آمن من الناس، وكان علي كرم الله وجهه في كفالته مستمسكا بأذياله ما عرف باتباعه فكان من أول من آمن به.

[الدرجة الثانية الأمر بتبليغ العشيرة]

ثم أمر بإنذار قومه قريش بقوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} فخرج حتى صعد إلى الصفا ثم نادى يا صباحاه وكانت

<<  <  ج: ص:  >  >>