للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبقوله (١): - صلى الله عليه وآله وسلم - له: «ما يسرني أن لي أحداً ذهبا تأتي ثالثة (أي ليلة) وعندي منه دينار إلا دينار أرصده لدين علي». وبأحاديث أخرى في هذا المعنى.

[جواب الأئمة عن استدلاله]

لما جاءت النصوص الصحيحة الصريحة بأن الأخذ إنما يكون لبعض الأموال وجب رد الآية المتحملة إليها. فقول الله تعالى: {وَلَا يُنْفِقُونَهَا} معناه ولا ينفقونها كلها وهؤلاء هم الذين لم يعطوا شيئا منها وهم مانعو الزكاة فلا تصدق الآية على الذين أنفقوا بعضها وهم المزكون. وأما الأحاديث فهي محمولة على الترغيب في البدل وهي حالة فضل لا تجب على الناس ولو وجبت عليهم لما استطاعوا. والواجب هو الذي يعم وأما الفضل فإن الناس يرغبون فيه ويأتي كل منهم بما استطاع وهم على ذلك متفاوتون وقد قبل النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من أبي بكر - رضي الله عنه - التصدق بجميع ماله ورد على من أراد التصدق بمقدار بيضة من ذهب بعين كل ما يملك صدقته بجميع ما يملك ونهى عن ذلك (٢) فأصاب أبو ذر فيما اختاره لنفسه من الزهد وعدم الادخار ولكنه أخطأ فيما أراد من حمل الناس على حالة فضل لم يوجبها الله تعالى عليهم ويستطيعوها.

[إعلانه رأيه وإثارته الفقراء]

كان أبو ذر الغفاري يعلن برأيه في مجامع الناس بالشام ويندد بالأغنياء غير مكتف منهم بإخراج الزكاة ويقول: "يا معشر الأغنياء واسوا الفقراء بشر الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في


(١) مسلم.
(٢) سنن أبي داوود فى كتاب الزكاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>