للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

توضع عليه الفطرة العامة في البشر من الكمالات الإنسانية كعدم التوسع في اقتناء المباحات من الأموال. وأنه إنما على قادة الأمة أن يدعوها إلى تلك الكمالات ويرغبوها فيها، فيرغبوها في الاجتهاد في العمل والاقتصاد في الاقتناء للأموال - في مسألة أبي ذر -فبذلك يتربى الناس على العمل والاجتهاد فلا يمدون أعينهم لما في أيدي الناس ويتربون على البذل والسخاء فيما يحصلون من ثمرات كدهم فيجمعون بين العمل والغنى والسخاء.

والأمة التي تبني حياتها على هذه الأوصول هي الأمة التي تترقى بجميع طبقاتها في ماديتها وروحانياتها فكلام هذا الإمام العظيم المأخود من أصول الإسلام قانون عظيم في سياسة الأمة وتربيتها ومثل من يفقه هذا الفقه هو الذي يصلح لولاية أمر العامة. وأبو ذر - وإن كان فقيها في الدين - فإنه بطبعه الإنفرادي ونفرته من الناس لم يكن ليفكر في هذا ولا ليتفطن له ولذا لم يكن صالحا لشيء من الإمارة. وقد قدمنا نصح النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - له أن لا يتأمر على اثنين فسبحان من قسم الأخلاق والأرزاق، والعلوم والفهوم، ثم أمرنا أن ننزل الناس منازلهم ونوجه كلا لما هو أهل له وله مقدرة عليه. فقهنا الله في ديننا وعرفنا بأقدارنا واستعملنا فيما نبلغ فيه إلى رضاه (١).


(١) ش: ج ٥، م ١١، ص ٢٨٢ - ٢٨٣ غرة جمادي الأولى ١٣٥٤ه - أوت ١٩٣٥م.

<<  <  ج: ص:  >  >>