للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شيخي]

هو الذي ربى عقلي، وهو الذي حبب إلي هذا الاتجاه الفكري منذ كنت طفلا إلى أن صرت رجلا، ولا أعرف مؤلفا ولا حامل قلم نشأ في ديار الشام إلا وقد كانت له صلة بهذا المربي الأعظم واستفادة من عقله وسعة فضله إما مباشرة أو بواسطة الذين استفادوا منه. وكل الذين جاهدوا هناك لأجل الحرية، وفي سبيل المعارف، ولإحياء علوم السلف، ولإعادة مجد العروبة والإسلام، إنما كانوا من إخوانه وهو واسطة عقدهم ورأس مجالسهم أو من طبقة تلاميذه، وهو قدوتهم ومطمح أنظارهم أو من الذين أخذوا عن تلاميذه وهو مضرب المثل عندهم في كمال العقل وسعة الاطلاع التي لا حد لها، وبالإجمال هو جرثومة الخير الأولى من أيام ولاية مدحت باشا على سوريا إلى أن هاجر الرجل العظيم إلى مصر حوالي سنة ١٣٢٥ه فكان موضع حرمة كل من يعرف الفضل من أهلها كتيمور باشا وأحمد بك الحسيني وأحمد زكي باشا والشيخ علي يوسف وأمثالهم وأهم كتب السلف النافعة التي نشرها الناشرون إنما نشروها بإشارته وتحريضه. وأنا وكل ما نشرته لسنا إلا قطرة من بحر الخير الذي كان يتدفق من صدر هذا العالم العامل الذي كانت الدنيا لا تساوي عنده جناح بعوضة، وليس له فيها من أمنية إلا أن يرى عز الإسلام يعود كما كان في أيام القوة والعدل والعلم وتقوى الله عز وجل. إني لأرمي نفسي بالعقوق وإنكار الجميل كلما فكرت في إبطائي حتى الآن عن القيام بحقه عليَّ للتاريخ ولكن إذا عظم المطلوب خارت القوة دونه، وحياة الشيخ طاهر الجزائري حياة دور من أدوار الإصلاح بل هي تاريخ الأمة في حقبة

<<  <  ج: ص:  >  >>