للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تالله ما رأيت ادعاء أعظم من هذا؟ فقلت: أنا على الميدان فأطلق من عناني يا أمير المؤمنين. فقال (قد أنصف القارة من راماها) ثم قال: ما المعنى بهذه الكلمة بديئا؟ فقلت: فيها قولان: القارة هي الحرة من الأرض، وزعمت الرواة أن القارة كانت رماة للتبابعة والملك إذ ذاك أبو حسان فوافق عسكره عسكر السغد فخرج فارس من السغد قد وضع سهمه في كبد قوسه، فقال: أين رماة الحرب؟ فقال العرب: قد أنصف القارة من راماها. فقال لي الرشيد: أصبت. ثم قال: أتروي لرؤبة بن العجاج والعجاج شيئا؟ فقلت هما شاهدان لك بالقوافي، وأن غيبا عن بصرك بالأشخاص فأخرج من ثني فرشه رقعة ثم قال: انشدني:

...أَرَّقَنِي طَارِقُ هَمٍّ أَرَّقَا...

فمضيت فيها مضي الجواد في سنن ميدانه، تهدر بها أشداقي.

فلما صرت إلى مديحه لبني أمية ثنيت لساني إلى امتداحه لأبي العباس السفاح في قوله:

..."قُلْتُ لِزِيرٍ لَمْ تَصِلْهُ مَرْيَمُهْ"...

فلما رآني عدلت من أرجوزة إلى غيرها، قال: أعن حيرة أم عن عمدٍ؟ قلت: عن عمد تركت كذبه إلى صدقه، فيما وصف به جدك من مجده. فقال الفضل: أحسنت بارك الله فيك، مثلك يؤهل لمثل هذا المجلس، فلما أتيت على آخرها قال الرشيد: أتروى كلمة عدي بن الرقاع:

عَرَفَ الدِّيَارَ تَوَهُّمَا فَاعْتَادَهَا ... مِنْ بَعْدِ مَا شَمَلَ البِلَى أَبْلَادَهَا

قلت: نعم. قال: هات، فمضيت فيها حتى إذا صرت إلى وصف

<<  <  ج: ص:  >  >>