للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعث مع الجيش أخاه مسلمة بن عبد الملك وكان أعرف الناس بقيادة الجيوش وتدبيرها وأيمن الناس نقيبة في الحرب وضم إليه ابن أخيه العباس بن الوليد بن عبد الملك فسار يزيد بن الهلب من البصرة فقدم واسطا فأقام بها أياما ثم سار عنها فنزل العقر واشتملت جريدة جيشه على مائة وعشرين ألفاً وقدم مسلمة بجيوش الشام فلما تراءى العسكر أن وشبت الحرب أمر مسلمة قائداً من قواده أن يحرق الجسور التي كان عقدها يزيد بن المهلب فأحرقها فلما رأى أهل العراق الدخان قد علا انهزموا فقيل ليزيد بن المهلب قد انهزم الناس قال ومم انهزموا هل كان قتال ينهزم الناس من مثله فقيل له أن مسلمة أحرق الجسور فلم يثبتوا فقال قبحهم الله يقال دخن عليه فطار ثم وقف ومعه أصحابه فقال أضربوا وجوه المنهزمين ففعلوا ذلك حتى كثروا عليه واستقبله منهم أمثال الجبال فقال دعوهم قبحهم الله غنم عدا في نواحيها الذئب وكان لا يحدث نفسه بالفرار وقد كان أتاه يزيد بن الحكم بن أبي العاص الثقفي بواسط فقال له:

فعش ملكاً أو مت كريماً فإن تمت ... وسيفك مشهور بكفك تعذر

فقال ما شعرت فقال:

إن بني مروان قد بار ملكهم ... فإن كنت لم تشعر بذلك فاشعر

فقال أما هذا فعسى فلما رأى يزيد انهزام أصحابه نزل عن فرسه وكسر جفن سيفه واستقبل فأتاه آت فقال إن أخاك حبيباً قد قتل فزاده ذلك بصيرة في توطينه نفسه على القتل قال لا خير في العيش بعد حبيب والله لقد كنت أبغض الحياة بعد الهزيمة وقد ازددت لها بغضاً أمضوا قدماً فعلم أصحابه أنه مستميت فتسلل عنه من يكره القتال وبقي معه جماعة خشية فهو يتقدم كلما مر بخيل كشفها وهو يقصد مسلمة بن عبد الملك لا يريد غيره فلما دنا منه أدنى مسلمة فرسه ليركب وحالت

<<  <  ج: ص:  >  >>