للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رتبة الاستطاعة. فيجب باليد فإن لم يستطيع فباللسان فإن لم يسطع فبالقلب وهو أضعف الإيمان وأقل الأعمال في هذا المقام. ومن الدعوة إلى الله ظهور المسلمين- أفراداً وجماعات- بما في دينهم من عفة وفضيلة، وإحسان ورحمة وعلم وعمل، وصدق وأمانة، فذلك أعظم مرغب للأجانب في الإسلام، كما كان ضده أعظم منفر لهم منه. وما انتشر الإسلام أول أمره بين الأمم إلا لأن الداعين إليه كانوا يدعون بالأعمال كما يدعون بالقول، وما زالت الأعمال عياراً على الأقوال. ومن الدعوة إلى الله بعث البعثات إلى الأمم المسلمة ونشر الكتب بألسنتها وبعث المرشدين إلى عوام الأمم المسلمة لهدايتهم وتفقيههم. كل هذا من الدعوة إلى الله ثابتة أصوله في سنة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- وسنة السلف الصالح من بعده. فعلى كل مسلم أن يقوم بما استطاع منه في كل وجه من وجوهه، وليعلم أن الدعوة إلى الله على بصيرة هي سبيل نبيه - صلى الله عليه وسلم - وسبيل إخوانه الأنبياء - صلى الله عليهم وسلم - من قبله، فلم يكن المسلم ليدع من هذا المقام ثابتاً لكل مسلم ومسلمة، وحقا القيام به - بقدر الاستطاعة- على كل مسلم ومسلمة- فأهل العلم به أولى وهو عليهم أحق. وهم المسؤولون عنه قبل جميع الناس، وما أصاب المسلمين ما أصابهم إلا يوم قعد أهل العلم عن هذا الواجب. وإذا عادوا إلى القيام به- وقد عادوا والحمد لله- أوشك- إن شاء الله- أن ينجلي عن المسلمين مصابهم.

[تفرقة]

ليس كل من زعم أنه يدعو إلى الله صادقاً في دعواه، فلا بد من التفرقة يين الصادقين والكاذبين والفرق بينهما- مستفاداً من الآية- بوجهين: الأول أن الصادق لا يتحدث عن نفسه ولا يجلب لها جاهاً ولا مالاً ولا يبغي لها من الناس مدحاً ولا رفعة. أما الكاذب فإنه

<<  <  ج: ص:  >  >>