للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكرة- وجزء الكرة مكور- فيكون النهار الحال مكوراً بحكم تكوُّر المحل. وكذلك النهار يكور عليه فيحل محله من الكرة فيكون أيضاً مكوراً بحكم تكوُّر المحل. وإنما جعلنا تكوير أحدهما على الآخر بحلوله في محله لأنه لا يمكن تكويره عليه بحلوله عليه في نفسه لأنهما ضدان لا يجتمعان، وليس جسمين يحل أحدهما على الآخر. والآية: هي العلامة الدَّالة، وكان الليل والنهار {آيَتَيْنِ}: بتعاقبهما مقدرين بأوقات متفاوتة بالزيادة والنقص في الطول والقصر على نظام محكم وترتيب بديع، بحسب الفصول الشتوية والصيفية، وبحسب الأمكنة ومناطق الأرض، المناطق الإستوائية والقطبية الشمالية والجنوبية وما بينهما. حتى يكونا في القطبين ليلة ويوماً في السنة، ليلة فيها ستة أشهر هي شتاء القطبين، ويوم فيه ستة أشهر هو صيفهم، فهذا الترتيب والتقدير والتسيير دليل قاطع على وجود خالق حكيم قدير، لطيف خبير.

الليل في نفسه آية، وفيه آيات، وأظهر آياته هو القمر فيقال في القمر {آيَةَ اللَّيْلِ} والنهار في نفسه آية، وفيه آيات، وأظهر آياته هو الشمس، فيقال في الشمس {آيَةَ النَّهَارِ}.

وبعد ما ذكر تعالى الليل والنهار آيتين في أنفسهما ذكر أظهر آيات كل واحد منهما وأضافهما إليه. فقال تعالى: {فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ ... الخ} وليس محو القمر وإبصار الشمس متأخراً عن الليل والنهار، وكيف؟ وما كان الليل والنهار إلاَّ باعتبار إضاءة الشمس لجانب وعدم إضاءتها لمقابله، فليست الفاء في {فَمَحَوْنَا} للترتيب في الوجود، وإنما هي للترتيب في الذكر وللترتيب في التعقل. فإن القمر والشمس بعض من آيات الليل والنهار، والجزء متأخر في التعقل عن الكل.

وقد اتفق الكاتبون على الآية ممن رأينا على أن المراد من لفظ

<<  <  ج: ص:  >  >>