للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} (١).

والكاف في قوله تعالى: {كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}. للتعليل، أي: رب ارحمهما لتربيتهما لي وجزاء على إحسانهما إليَّ في حالة الصغر، حالة الضعف والافتقار. وفي هذا اعتراف بالجميل وإعلان لسابق إحسانهما العظيم وتوسل إلى الله تعالى في قبول دعائه لهما بما قدما من عمل لأنه وعد أنَّه يجزي العاملين، وقد كانت تربيتهما لولدهما من أجل مظاهر الرحمة، وهو قد أخبر تعالى على لسان رسوله أنه يرحم الراحمين. ولا أرحم- بعده تعالى- من الوالدين.

[خاتمة]

من بر الوالدين أن نتحفط من كل ما يجلب لهما سوءاً من غيرنا، فإن فاعل السبب فاعل للمسبب، ومن هذا أن لا نسبَّ الناس حتى لا يسبوا والدينا، لأنا إذا سببنا الناس فسبوهما كنا قد سببناهما، وسبهما من أكبر الكبائر. ففي الصحيح عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم-: "إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه، قيل: يا وسول الله، وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه".

ومن برهما حفظهما بعد موتهما بالدعاء والاستغفار وإنفاذ عهدهما وإكرام صديقهما وصلة رحمهما. فقد روى ابن ماجة وأبو داوود وابن حبان في صحيحه عن أبي أسيد مالك بن ربيعة الساعدي البدري


(١) ١١٤/ ٩ التوبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>