للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأحكام]

أحكام الله تعالى: أحكام شرعية وهي التي فيها بيان ما شرعه لخلقه مما فيه انتظام أمرهم وحصول سعادتهم إذا ساروا عليه، وأحكام قدرية، وهي التي فيها بيان تصرفه في خلقه على وفق ما سبق في علمه، وما سبق في إرادته. والأحكام الشرعية تقع من العباد مخالفتها فيختلف مقتضاها من الفعل أو الترك، والأحكام القدرية لا تتخلف أصلاً ولا يخرج المخلوقات عن مقتضاها قطعاً. وفي هذه الآية حكم من أحكامه القدرية، وهو أن كل قرية لا بد أن يصيبها أحد الأمرين المذكورين بما سبق من علمه وما مضى من إرادته، فلا يتخلف هذا الحكم ولا تخرج عنه قرية.

[إيضاح وتعليل]

الله حكم عدل حَكيم خبير، فما من حكم من أحكامه الشرعية إلا وله حكمته، وما من حكم من أحاكامه القدرية إلا وله سببه وعلته. لا لوجوب أو إيجاب عليه، بل بمحض مشيئته، ومقتضى عدله وحكمته. قد قضى على كل قرية بهذه العاقبة من الهلاك أو العذاب الشديد في هذه الآية، وبيّن في غيرها سبب استحقاقها لها فقال تعالى: {وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا} (١)، {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} (٢) {وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ} (٣) {وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً} (٤) {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا


(١) ٦٠/ ١٨ الكهف.
(٢) ١١٨/ ١١ هود.
(٣) ٥٩/ ٢٨ القصص.
(٤) ٢١/ ١١ الأنبياء.

<<  <  ج: ص:  >  >>