للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومنها قوله تعالى في سورة يونس عليه السلام: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} (١). ومنها في سورة فصلت: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى} (٢).

وأفادت الآيات كلها أنه شفاء لأهل الإيمان الذين يؤمنون دون غيرهم فإنهم بإعراضهم عنه كانوا من الخاسرين، وجاءت آية يونس بتقييد الشفاء بها في الصدور الذي هو العقائد، لأن ذلك هو المقصود الأول من هداية القرآن، وأصل لغيره. فإنه إذا شفيت الصدور من عقائد السوء ونزغات الشكوك واعتقدت الحق وارتبطت على اليقين زكت النفوس واستقام سلوك الإنسان فرده وجماعاته، ورقي درجات الكمال، فلا ينافي ذلك أن القرآن شفاء أيضاً للنفوس من سيء الأخلاق كما هو مقتضى الإطلاق في آية الإسراء هذه وآية فصلت (٣) لأن الأخلاق ناشئة عن العقائد ولازمة لها ولأنهما كليهما- العقائد والأخلاق- لا تكمل النفس الإنسانية إلا بالشفاء فيهما. ولا ينافي أيضاً حصول الشفاء للأبدان بالقرآن في بعض الأحوال كما هو مقتضى الإطلاق أيضاً ومقتضى ما سيأتي من الآثار، وإن كان هذا ليس هو المقصود بالقصد الأول من شفاء القرآن.


(١) ٥٧/ ١٠ يونس.
(٢) ٤٤/ ٣١ فصلت. وفي الأصل (السجدة) بدل (فصلت).
(٣) أصلحنا (السجدة).

<<  <  ج: ص:  >  >>