للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو من استنار قلبه بالإيمان والعقائد الحقة، وزكت نفسه بالفضيلة والأخلاق الحميدة، واستقامت أعماله وطابت أقواله، فكان مصدر خير ونفع لنفسه وللناس. استقام نظامه في عقده وخلقه وقوله وعمله، فعظمت وزكت منفعته، وهذا هو معنى الصالحين حيثما جاء كما في قوله تعالى: {وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ} وكما في التشهد: «السَّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ» وقد بين القرآن من هم الصالحون بياناً شافياً وكافياً بذكر صفاتهم مثل قوله تعالى: {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ} (١).

[المعنى]

يخبرنا الله تعالى أنه كتب في الكتب التي أنزلها على رسوله من بعد ما كتب في اللوح المحفوط الذي هو أصل تلك الكتب أن الأرض يرثها ويملكها عباده الصالحون أهل العقائد الصحيحة والأخلاق الكريمة والأعمال المستقيمة الذين ينفعون العباد والبلاد.

[تطبيق]

خاطب الله بهذه الآية المؤمنين بمكة وهم في قلة عَدد وعُدد يعدهم بذلك- لا بطريق صريح- أنهم يرثون الأرض ويكون لهم فيها القوة والنفوذ. ويبعثهم بتعليق الوعد بوصف الصلاح على التمسك به والإزدياد منه والإستمرار عليه، ثم صرح لهم بالوعد بعد في سورة النور وهي مدنية بقوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ


(١) ١١٣/ ٣ - ١١٤ آل عمران.

<<  <  ج: ص:  >  >>