للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه وسلم- لخباب رضي الله عنه وقد لقي الصحابة من المشركين شدة فسأله أن يدعو فقال له النبي- صلى الله عليه وسم-: "لقد كان من قبلكم ليمشط بمشاط الحديد ما دون عظامه من لحم أو عصب ما يصرفه ذلك عن دينه ويوضع المنشار على مفرق رأسه فيشق باثنين ما يصرفه ذلك عن دينه وليُتمنّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ما يخاف إلا الله". وكقوله (١) - صلى الله عليه وسلم- لعدي بن حاتم: (فان طالت بك حياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله ولئن طالت بك حياة لتفتحن كنوز كسرى) وقد امتدت به الحياة حتى رأى ذلك ومثل هذا أحاديث أخرى في الصحيح. فقد تطابقت الآيات والأحاديث في هذا الوعد وقد صدق الله وعده لعباده الصالحين. وصدق نبيه- صلى الله عليه وسلم- بما لم يكن يعلمه أحد ولا يرى شيئاً من أسبابه بل لا يرى إلا ما هو مناف له. ولكن العاقبة للمتقين.

[إشكال وحله]

قال أناس إن أرض الدنيا كما يستولي عليها الصالحون يستولي عليها غيرهم، والأرض التي لا يرثها إلاَّ الصالحون هي أرض الجنة، فيجب تأويل الآية بها.

والجواب: أن هذا التأويل إنما يحتاج إليه إن لو كانت الآية هكذا (إن الأرض لا يرثها إلا عبادي الصالحون) بطريق الحصر فيهم. أما لما كانت الآية لا حصر فيها فلا حاجة إلى هذا التأويل بل في لفظ الإرث وربطه بوصف الصلاح دلالة على أنها كانت لغيرهم، فانتقلت إليهم، وأنها تزول مع زوال وصف الصلاح. وقد جاء التنبيه على أن الأرض يرثها الصالحون وغيرهم في قوله تعالى: {إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ


(١) البخاري في باب علامات النبوة في الإسلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>