للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} (١). (أتصبرون): الصبر حبس النفس على المكروه. والمكروه لها فعل ما فيه تعب، وترك ما فيه لذة. ويكون في المشروع والمقدور، ففي الأول بالقيام بالمأمورات والترك للمنهيات. وفي الثاني- وهو المصَائب والبلايا- بالرضا والتسليم للخالق وعدم الاعتراض عليه وعدم السعي في إزالتها بغير الوجه المأذون فيه. و (الصبر): هو المشاهد للأشياء ظاهرها وباطنها، ذواتها ونعوتها وأحوالها، مبادئها وغاياتها وعواقبها.

[التركيب]

الاستفهام في (أتصبرون) بمعنى الأمر، أي اصبروا. وخرج الأمر في صورة الإستفهام تنبيهاً على قلة الصبر في الوجود فهو من الأمر المعدوم الذي يسأل عنه هل يوجد، وفي ذلك بحث للهمم على تحصيله والتمسك به. وجملة (وكان ... الخ) معطوفة على جملة {وَجَعَلْنَا} وعدل عن مقتضى الظاهر، وهو وكنا بصراء بالإضمار إلى {وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا} بالإظهار للتنبيه على أن فتنته لعباده من مقتضى ربوبيته لهم وحسن تدبيره فيهم. موقع هذه الجملة بعد الجملة الأولى لبيان أن فتنته لهم هي من علم وبصر بصواب ذلك وحكمته، وأنه مطَّلع على حقيقة ما يكون منهم عند الاختبار ليجازيهم عليه، وفي هذا وعد ووعيد للممتحنين.

[المعنى]

امتحنا بعضكم ببعض لتظهر حقائقكم عند الإمتحان. جلنا الرسل يأكلون كما يأكل البشر ويتكسبون كما يتكسبون لنمتحن العباد بهم فيظهر من يتبعهم بالإيمان واليقين لما معهم من الحق والكمال


(١) ٣٥/ ٢١ الأنبياء.

<<  <  ج: ص:  >  >>