للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحصل على شيء من حقيقة التفسير، وإنما قضى سنته في المماحكات بدعوى أنها تطبيقات للقواعد على الآيات، كأن التفسير إنما يقرأ لأجل تطبيق القواعد الآلية لا لأجل فهم الشرائع والأحكام الإلهية. فهذا هجر آخر للقرآن مع أن أصحابه يحسبون أنفسم أنهم في خدمة القرآن.

وعلَّمنا القرآن أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- هو المبين للناس ما نزل إليهم من ربهم، وأن عليهم أن يأخذوا ما أتاهم وينهوا عما نهاهم عنه، فكانت سنته العملية والقولية تالية للقرآن، فهجرناها كما هجرناه وعاملناه بما عاملناه، حتى إنه ليقل في المتصدرين للتدريس من كبار العلماء في أكبر المعاهد من يكون قد ختم كتب الحديث المشهورة كالموطأ والبخاري ومسلم ونحوها مطالعة فضلاً عن غيرهم من أهل العلم وفضلاً عن غيرها من كتب السنة. وكم وكم وكم بيَّن القرآن وكم وكم وكم قابلناه بالصد والهجران.

[بيان واستشهاد]

شر المهاجرين للقرآن هم الذين يضعون من عند أنفسهم ما يعارضونه به ويصرفون وجوه الناس إليهم وإلى ما وضعوه عنه، لأنهم جمعوا بين صدهم وهجرهم في أنفسهم وصد غيرهم، فكان شرهم متعدياً وبلاؤهم متجاوزاً وشر الشر وأعظم البلاء ما كان كذلك، وفي هؤلاء جاء ما ذكره الإمام ابن القيم في كتاب (أعلام الموقِّعين) عن حماد بن سلمة ثنا أيوب السختياني عن أبي قلابة عن يزيد بن أبي عميرة عن معاذ بن جبل قال: ((تكون فتن فيكثر المال ويفتح القرآن حتى يقرأه الرجل والمرأة والصغير والكبير والمنافق والمؤمن فيقرؤه الرجل فلا يتبع فيقول والله لأقرأنَّه علانية فلا يتبع فيتخذ مسجدا ويبتدع كلاما ليس من كتاب الله ولا من سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإياكم وإياه فإنه بدعة وضلالة))

<<  <  ج: ص:  >  >>