للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجه الدليل كما تقدم وفيها أيضاً بيان أن خوف سوء الحساب لا ينافي الصبر ابتغاء وجه الله.

ومثلها قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ. (١) ووجه الدليل ما تقدم ومعنى الآية إنهم يعطون ما أعطوا من أعمال البر والطاعات وقلوبهم خائفة من أنهم راجعون إلى ربهم فيخافون أن لا تقبل منهم. ففيها بيان أنهم كانوا يعملون راجين قبول الأعمال خائفين من عدم قبولها.

فهؤلاء هم الكمل من عباد الله وهذه هي عبادتهم في صريح هذه الآيات الكريمة التي ذكرت فيها صفاتهم وكلها بكثرتها وصراحتها دالة دلالة قطعية لما قلناه من أن العبادة الشرعية موضوعة على رجاء الثواب والخوف من العقاب إذ ذلك هو أظهر مظاهر العبودية بذلها وخضوعها وضعفها وحاجتها وفقرها وحالتها المباينة غاية المباينة لمقام الربوبية مقام ذي الجلال والإكرام.

ولا تجد في القرآن العظيم آية واحدة دالة صريحة على ذكر عباده- هكذا- دون خوف أوطمع. ونزيد على الآيات المتقدمة آية دالة على حال عباده المعصومين عليهم الصلاة والسلام، وهي قوله تعالى (٢): {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ


(١) ٥٨/ ٢٣ - ٦٢ المؤمنون.
(٢) ٨٢/ ٢٦ الشعراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>