للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه ربه ولا ينبغي أن يلقاه إلا على أكمل حال. فعلمنا هذا الدعاء الصريح في الرغبة والرهبة ليقوله المؤمن ولو كان من أكمل الكمل فدل على أن الرغبة والرهبة عليهما وضعت العبادة في جميع الأحوال. ومنها الحديث الصحيح: " قالت عائشة (رضي الله عنها): كنت نائمة إلى جنب رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- ففقدته فلمسته بيدي فوضعت يدي على قدميه وهو ساجد يقول: (أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك لا أحصي ثناء عليك كما أثنيت على نفسك) ووجه الدليل أنه في الحال التي هو فيها أقرب ما يكون من ربه وهي حالة سجوده استعاذ برضى الله من سخطه وبعافيته من عقوبته، ثم لما لم يستطع الإلحاطة بأفعاله رد الأمر لذاته فاستعاذ به منه وهو في الجميع مستعيذ والمستعيذ طالب والطالب راج وطامع في نيل المطلوب فلم يفارق عبادته الرجاء والطمع حتى في هذه الحالة التي هي بينه وبين ربه لأنه كان ساجداً في جنح الليل دون حضور أحد من الناس إلا عائشة التي كانت نائمة واستيقظت ففقدته فاطلعت عليه في تلك الحال.

ومنها الحديث الصحيح عن ابن عباس الذي كان يعلمهم رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- إياه كما يعلمهم السورة من القرآن رواه مالك وفيه: (اللهم أعوذ بك من عذاب جهنم وأعوذ بك من عذاب القبر وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات) ووجه الدليل منه أنه علمهم هذه الاستعاذة الصريحة في الخوف والرجاء كسائر ما علمهم من الدعوات المبنية عليهما.

وهكذا تجد جميع دعواته المأثورة على الرغبة والرهبة والرجا والخوف ولا تجد دعاء واحداً علمهم فيه أن يتوجوا إلى الله تعالى دون رغبة ولا رهبة ولا رجاء ولا خوف، ولو كانت العبادة الخالية

<<  <  ج: ص:  >  >>